حكم المداومة على التنفل بين الظهر والعصر

0 282

السؤال

أريد أن أصلي قدرا من النوافل بين الظهرين, ولكني إذا أكثرت تعبت ولم أداوم, وإذا قللت شعرت بالتقصير, ففكرت أن أصلي قدرا محددا بالدقائق أداوم عليه دائما, كأن أصلي عشرين دقيقة دائما أو نحو ذلك, فهل فعلي هذا جائز مشروع؟ فإني لا أفعله اعتقادا بسنيته, وإنما أفعله لأحافظ على قدر من النوافل دائما, ولئلا أتعب, فهل المداومة على ما ذكرته لكم جائزة؟ وهل تنصحوني بالقيام بها دائما؟ أم يعتبر ذلك بدعة لا ينبغي فعلها ولا المداومة عليها؟
أفيدوني, جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فلا حرج عليك في التنفل ما بين الظهرين في الأصل؛ لأنه ليس وقت نهي, كما بيناه في الفتوى رقم: 140275, بل ذهب بعض الفقهاء إلى استحباب ذلك, كما في كشاف القناع حيث قال في ذكر الصلوات المستحبة: " وفي الرعاية وفي الغنية وبين الظهر والعصر ولم يذكر ذلك جماعة, وهو أظهر لضعف الأخبار, وهو قياس نصه في صلاة التسبيح وأولى " اهــ .
ولا يضر كونك تحدد زمنا معينا من الوقت للصلاة, ولا يدخل ذلك في حيز البدعة ما دمت لا تفعله عن اعتقاد خصوصية, وإنما الإشكال يأتي من المداومة على التنفل في ذلك الوقت أبدا كما ذكرت, والتنفل المطلق وإن كان جائزا إلا أن المداومة عليه في وقت معين قد يدخله في حيز البدعة؛ ولذا ذكر أهل العلم أنه لا يداوم على الصلوات المشروعة التي لم يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم, ومن ذلك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - عن صلاة التطوع, وأنها ثلاثة أقسام, أولها: ما أمر به وحافظ عليه في السفر والحضر كالوتر والفجر, والثاني: ما داوم عليه كالسنن الراتبة, ثم قال: الثالث: التطوع الجائز في هذا الوقت من غير أن يجعل سنة؛ لكون النبي صلى الله عليه و سلم لم يداوم عليه, ولا قدر فيه عددا, والصلاة قبل العصر والمغرب والعشاء من هذا الباب, وقريبا من ذلك صلاة الضحى ... اهــ .
وقال عن المداومة على بعض المسنونات وترك ما سواها: إن ذلك يخرج الجائز المسنون عن أن يشبه بالواجب، فإن المداومة على المستحب أو الجائز مشبهة بالواجب, ولهذا أكثر هؤلاء المداومين على بعض الأنواع الجائزة أو المستحبة لو انتقل عنه لنفر عنه قلبه وقلب غيره أكثر مما ينفر عن ترك كثير من الواجبات؛ لأجل العادة التي جعلت الجائز كالواجب ... اهــ , وقال في مبدأ المداومة عموما: والتفريق بين السنة والبدعة في المداومة أمر عظيم ينبغي التفطن له. اهــ

وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - عن الركعتين بين كل أذانين وأداؤها قبل العصر: ينبغي للإنسان أن يصلي قبل العصر ركعتين, لكن لا يتخذها سنة راتبة, بمعنى أنه يغفلها بعض الأحيان .. اهــ.

والخلاصة: ينبغي للأخ السائل أن لا يداوم على إحياء ما بين الظهر والعصر؛ لأنه قد يصير فعله بدعة, وليجتهد من الإكثار من التطوع عموما - فضلا عن السنن والمستحبات - من غير اتخاذ ذلك راتبة في وقت معين بذاته.

والله تعالى أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة