السؤال
هل يجوز صوم شهر الله المحرم كله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن الإكثار من الصيام في شهر الله المحرم مشروع، ومن صامه كله فقد أحسن وفعل خيرا، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم.
قال الحافظ ابن رجب: وهذا الحديث صريح في أن أفضل ما تطوع به من الصيام بعد رمضان صوم شهر الله المحرم, وقد يحتمل أن يراد: أنه أفضل شهر تطوع بصيامه كاملا بعد رمضان, فأما بعض التطوع ببعض شهر, فقد يكون أفضل من بعض أيامه, كصيام يوم عرفه, أو عشر ذي الحجة, أو ستة أيام من شوال, ونحو ذلك, ويشهد لهذا ما خرجه الترمذي من حديث علي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني بشهر أصومه بعد شهر رمضان؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن كنت صائما شهرا بعد رمضان فصم المحرم, فإنه شهر الله, وفيه يوم تاب الله فيه على قوم, ويتوب على آخرين" وفي إسناده مقال. انتهى.
وقال القاري في المرقاة: قال الطيبي: أراد بصيام شهر الله صيام يوم عاشوراء اهـ فيكون من باب ذكر الكل وإرادة البعض، ويمكن أن يقال أفضليته لما فيه من يوم عاشوراء, لكن الظاهر أن المراد جميع شهر المحرم. انتهى.
والحاصل أن الصوم في شهر المحرم حسن, وكلما أكثر منه العبد كان أكثر لثوابه, ومن صامه كله فهو على خير - إن شاء الله -، قال في كشاف القناع: (و) يسن (صوم المحرم وهو أفضل الصيام بعد صيام شهر رمضان)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصلاة بعد المكتوبة جوف الليل, وأفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم رواه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة, قال في المبدع: وأضافه إليه تفخيما وتعظيما كناقة الله، ولم يكثر النبي صلى الله عليه وسلم الصوم فيه إما لعذر, أو لم يعلم فضله إلا أخيرا، والمراد أفضل شهر تطوع فيه كاملا بعد رمضان شهر الله الحرام؛ لأن بعض التطوع قد يكون أفضل من أيامه كعرفة, وعشر ذي الحجة, فالتطوع المطلق أفضله المحرم, كما أن أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل. انتهى.
والله أعلم.