السؤال
أشارك في أحد المواقع الدعوية، وأفرح عندما يثني علي أحد -ولو بكلمة بسيطة - ولو لم يقل لي أحد شيئا فمن الممكن أن أقول: لقد تجاهلني ولم يقل لي شيئا، فكيف أتخلص من هذا الإحساس؟ وأعمل بجد, وأقول في نفسي حتى يقولوا عني كلاما طيبا أو أي شيء، فكيف أتخلص من هذه الأشياء التي هي في نفسي؟ وكيف أجدد النية؟ لأني أخاف أن يكون هذا رياء أو نفاقا, فهل هو كذلك؟ وبماذا تنصحوني؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفرح بثناء الناس ومدحهم من غير أن يقصد المرء بعمله مدحهم ومراءاتهم لا حرج فيه، بل قد يكون ثناؤهم من عاجل بشرى المؤمن، لكن الركون إلى مجرد مدح الناس وطلبه والرغبة والتفاني فيه أمر مذموم.
وبكل حال فنصيحتنا لك: أن تجتهد في تحقيق الإخلاص لله ما استطعت، وأن تحاول تجريد أعمالك من هذه القصود المشوبة، ولتعلم أن ثناء الناس في حقيقة الأمر لا يغني من الله شيئا، وأن من أثنى عليه الله فهو الفائز حقا، ومن ذمه الله فهو الخاسر حقا, واعلم أنه كلما قويت معرفة العبد بربه واستشعر كماله المطلق من جميع الوجوه انصرفت همته إليه, وانقطع عن الرغبة فيما سواه، فجاهد على تحصيل هذه المطالب العالية.
يقول ابن القيم: وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهله عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين, ويضر ذمه ويشين إلا الله وحده، كما قال ذلك الأعرابي للنبي: إن مدحي زين وذمي شين، فقال: ذلك الله عز وجل، فازهد في مدح من لا يزينك مدحه, وفي ذم من لا يشينك ذمه, وارغب في مدح من كل الزين في مدحه, وكل الشين في ذمه، ولن يقدر على ذلك إلا بالصبر واليقين، فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البحر في غير مركب, قال تعالى: فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون، وقال تعالى: وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون.
وانظر الفتاوى التالية: 13997 / 40090 / 45693/ 49482 / 10992, وكلها حول الرياء وحقيقته, وأثره على العمل, وكيفية تحقيق الإخلاص، والتفصيل في الفرح بمدح الناس وثنائهم متى يكون جائزا ومتى يكون ممنوعا.
والله أعلم.