السؤال
هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة النهار أنه كان يخفف القيام, ويطيل الركوع والسجود؟ وهل فعل ذلك وارد في أحاديث السنة النبوية؟ عن عمران بن حصين لما صلى خلف علي بالبصرة قال: "لقد ذكرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم معتدلة؛ كان يخفف القيام والقعود ويطيل الركوع والسجود" هل هذا الحديث صحيح؟ وهل سنده صحيح ثابت؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فنقول ابتداء: إن السائل خلط بين حديثين مختلفين, فقصة صلاة عمران بن الحصين خلف علي - رضي الله عنهما - ليس فيها كان يخفف القيام, وإنما هذا اللفظ في قصة صلاة أنس بن مالك - رضي الله عنه - خلف عمر بن عبد العزيز, فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما – وكذا أحمد والنسائي - من حديث عن مطرف بن عبد الله قال: صليت خلف علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنا وعمران بن حصين فكان إذا سجد كبر, وإذا رفع رأسه كبر, وإذا نهض من الركعتين كبر, فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال: قد ذكرني هذا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم, أو قال لقد صلى بنا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم. اهــ .
وقصة أنس رواها النسائي في سننه عن زيد بن أسلم قال: دخلنا على أنس بن مالك فقال: صليتم؟ قلنا: نعم, قال: يا جارية هلمي لي وضوءا, ما صليت وراء إمام أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من إمامكم هذا, قال زيد: وكان عمر بن عبد العزيز يتم الركوع والسجود, ويخفف القيام والقعود. قال شيخ الإسلام: وهذا حديث صحيح, وصححه الألباني أيضا.
وتخفيف القيام في الصلاة وإتمام الركوع والسجود جاء في عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم, ولكن ينبغي التفطن إلى أمرين:
أولهما: ليس المقصود بذلك أن يكون القيام أقصر من الركوع والسجود, بل المقصود الإيجاز فيه حتى لا يشق على المأمومين, وهدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطيل القيام وقعود التشهد أكثر من غيرهما من أفعال الصلاة, مع تقارب الكل, كما يدل عليه حديث البراء في صحيح البخاري قال: كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع رأسه من الركوع ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء, قال ابن القيم في زاد المعاد: المراد بالقيام والقعود قيام القراءة وقعود التشهد, ولهذا كان هديه صلى الله عليه وسلم فيهما إطالتهما على سائر الأركان كما تقدم بيانه, وهذا - بحمد الله - واضح, وهو مما خفي من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته على من شاء الله أن يخفى عليه, قال شيخنا: وتقصير هذين الركنين مما تصرف فيه أمراء بني أمية في الصلاة وأحدثوه فيها. اهــ
ثانيا: أن تخفيف النبي صلى الله عليه وسلم للقيام المقصود به حين يكون إماما في صلاة الجماعة حتى لا يشق على المأمومين, وليس في كل صلاة نهارية يخفف القيام, وقد بوب البخاري في صحيحه بابا فقال: باب تخفيف الإمام في القيام وإتمام الركوع والسجود. اهــ. ثم قال في الباب الذي بعده: باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء. اهــ. وقد روى أحمد في المسند من حديث واقد البكري – وهو من أهل بدر – قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة على الناس, وأطول الناس صلاة لنفسه صلى الله عليه وسلم.
والله تعالى أعلم.