السؤال
هل تجب صلاة الجمعة في بلد كل المصلين فيه أجانب؟ وأرجو أن تكون الفتوى على مذهب الإمام مالك.
شكرا.
هل تجب صلاة الجمعة في بلد كل المصلين فيه أجانب؟ وأرجو أن تكون الفتوى على مذهب الإمام مالك.
شكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فإن كنت بقولك الأجانب تعني المقيمين بالبلد غير المستوطنين, فالجواب: أن الجمعة غير واجبة عليهم إذا لم يكن معهم مستوطنون كما يفهم من قولك (كل المصلين أجانب), بل ولا تنعقد بهم أيضا في قول أكثر أهل العلم, فإقامة الجمعة بالنسبة لهم إذا لم يكن معهم مقيمون تعتبر موضع خلاف بين أهل العلم, وأكثر أهل العلم يشترطون فيمن تنعقد بهم الجمعة أن يكونوا مستوطنين, وهم الذين يقيمون في البلد يتخذونه وطنا لا يرحلون عنه صيفا ولا شتاء, وإذا رحلوا يرجعون إليه, قال ابن قدامة في المغني: فأما الاستيطان فهو شرط في قول أكثر أهل العلم, وهو الإقامة في قرية على الأوصاف المذكورة, لا يظعنون عنها صيفا ولا شتاء ... اهــ.
وهذا هو مذهب المالكية أيضا فقد جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: شرط صحة الجمعة وقوع كلها بخطبتها في وقت الظهر إلى الغروب, مع الاستيطان, وهو العزم على الإقامة على نية التأبيد, ولا تكفي نية الإقامة ولو طالت .. اهــ.
وعدم انعقادها بهم هو أصح الوجهين عند الشافعية, قال النووي في المجموع: هل تنعقد بمقيمين غير مستوطنين فيه وجهان مشهوران أصحهما لا تنعقد، اتفقوا على تصحيحه، ممن صححه المحاملي, وإمام الحرمين, والبغوي, والمتولي, وآخرون ... اهــ
والمقيمون غير المستوطنين يقصد بهم الذين لا ينوون الإقامة الدائمة, بل ينوون العودة لبلدهم أو غيرها, قال الماوردي الشافعي في الحاوي في تعريف المقيمين: المقيمون في غير أوطانهم، كرجل دخل بالبصرة فنوى أن يقيم فيها سنة لطلب علم، أو تجارة ثم يعود إلى وطنه. اهــ.
فهؤلاء لا تنعقد بهم الجمعة كما ذكرنا, أي: لا تصح ويصلون الظهر, وذهب الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - إلى أنهم إن رأوا مصلحة في إقامة الجمعة أنهم يصلونها, فقد قال - رحمه الله تعالى - في مجموع فتاواه: وأما ترك إقامة الجمعة من غير المستوطنين ولو كانوا مقيمين, فهذا ما ذكره فقهاء الحنابلة, وهو موضع خلاف بين أهل العلم, فقهاء الحنابلة يرون أنه لا تصح الجمعة من هؤلاء، وهو المشهور عند الشافعية, وفيه وجه للشافعية بالجواز, فإن رأيتم أن في إقامتها مصلحة للإسلام والمسلمين, فأرجو أن لا يكون في ذلك بأس - إن شاء الله تعالى - مع أني ـ والله ـ أرجح عدم إقامتها، إلا إذا كان معهم مستوطنون. اهــ .
والله تعالى أعلم.