قصة وحشي بن حرب في قتل حمزة صحيحة

0 586

السؤال

أرجو إفادتي عن صحة هذه الرواية التي تروي أن الصحابي وحشي غلبت عليه الخمر.
حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن سليمان بن يسار، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، قال: أقبلنا من الروم، فلما قربنا من حمص، قلنا لو مررنا بوحشي، فسألناه عن قتل حمزة، فلقينا رجلا فذكرنا ذلك له، فقال: هو رجل قد غلبت عليه الخمر، فإن أدركتماه وهو صاح لم تسألاه عن شيء إلا أخبركما، وإن أدركتماه شاربا فلا تسألاه، فانطلقنا حتى انتهينا إليه قد ألقي له شيء على بابه، وهو جالس صاح، فقال: ابن الخيار؟ قلت: نعم، قال: ما رأيتك منذ حملتك إلي أمك بذي طوى، إذ وضعتك، فرأيت قدميك فعرفتهما، قال: قلت: جئناك نسألك عن قتل حمزة، فقال: سأحدثكما كما حدثت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سألني، كنت عبدا لآل مطعم، فقال لي ابن أخي مطعم: إن أنت قتلت حمزة بعمي فأنت حر، فانطلقت يوم أحد معي حربتي، وأنا رجل من الحبشة ألعب بها لعبهم، فخرجت يومئذ ما أريد أن أقتل أحدا ولا أقاتله إلا حمزة، فخرجت فإذا أنا بحمزة كأنه بعير أورق، ما يرفع له أحد إلا قمعه بالسيف فهبته، وبادر إليه رجل من ولد سباع، فسمعت حمزة يقول: إلي يا ابن مقطعة البظور، فشد عليه فقتله، وجعلت ألوذ منه، فلذت بشجرة ومعي حربتي، حتى إذا استمكنت منه، هززت الحربة حتى رضيت منها ثم أرسلتها، فوقعت بين ثندوتيه، وذهب ليقوم فلم يستطع فقتلته، ثم أخذت حربتي ما قتلت أحدا ولا قاتلته، فلما جئت عتقت، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أردت الهرب منه أريد الشام، فأتاني رجل فقال: ويحك يا وحشي، والله ما يأتي محمدا أحد فيشهد بشهادته إلا خلى عنه، فانطلقت فما شعر بي إلا وأنا قائم على رأسه أشهد بشهادة الحق، فقال: أوحشي؟ قلت: نعم وحشي، قال: ويحك ! " حدثني عن قتل حمزة، فأنشأت أحدثه كما حدثتكما، فقال: ويحك يا وحشي غيب عني وجهك فلا أراك، فكنت أتقي أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقبض الله نبيه عليه السلام، فلما كان من أمر مسيلمة ما كان، وانبعث إليه البعث انبعثت معه، وأخذت حربتي فالتقينا، فبادرته أنا ورجل من الأنصار، فربك أعلم أينا قتله، فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس وشر الناس"، فقال سليمان بن يسار: سمعت ابن عمر يقول: كنت في الجيش يومئذ، فسمعت قائلا يقول في مسيلمة: قتله العبد الأسود.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الحديث بلفظه المذكور أخرجه الطيالسي في مسنده والبيهقي في السنن الكبرى بطرق كلها إلى عبد العزيز بن أبي سلمة، قال الطيالسي حدثنا يونس قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، ثم ذكر الحديث بطوله.

وقد أخرجه ابن هشام وابن عبد البر وابن الأثير والذهبي كلهم من طريق أبي جعفر محمد بن عبد الله، عن حجين بن المثنى، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل، عن جعفر بن يسار، عن جعفر بن عمرو الضمري قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيق السير: إسناده قوي إلي وحشي.

وأصل هذا الحديث عند البخاري, وليس في روايته (قد غلبت عليه الخمر), ولفظ البخاري: حدثني أبو جعفر محمد بن عبد الله، حدثنا حجين بن المثنى، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل، عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، قال: خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار، فلما قدمنا حمص، قال لي عبيد الله بن عدي: هل لك في وحشي، نسأله عن قتل حمزة قلت: نعم، وكان وحشي يسكن حمص، فسألنا عنه، فقيل لنا: هو ذاك في ظل قصره، كأنه حميت، قال: فجئنا حتى وقفنا عليه بيسير، فسلمنا فرد السلام، قال: وعبيد الله معتجر بعمامته، ما يرى وحشي إلا عينيه ورجليه، فقال عبيد الله: يا وحشي أتعرفني؟ قال: فنظر إليه ثم قال: لا والله، إلا أني أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها: أم قتال بنت أبي العيص، فولدت له غلاما بمكة، فكنت أسترضع له، فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه، فلكأني نظرت إلى قدميك، قال: فكشف عبيد الله عن وجهه ثم قال: ألا تخبرنا بقتل حمزة؟ قال: نعم، إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر، فقال لي مولاي جبير بن مطعم: إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر، قال: فلما أن خرج الناس عام عينين - وعينين: جبل بحيال أحد بينه وبينه واد - خرجت مع الناس إلى القتال، فلما أن اصطفوا للقتال، خرج سباع فقال: هل من مبارز؟ قال: فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب، فقال: يا سباع، يا ابن أم أنمار مقطعة البظور، أتحاد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ثم شد عليه، فكان كأمس الذاهب، قال: وكمنت لحمزة تحت صخرة، فلما دنا مني رميته بحربتي، فأضعها في ثنته حتى خرجت من بين وركيه، قال: فكان ذاك العهد به، فلما رجع الناس رجعت معهم، فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام، ثم خرجت إلى الطائف، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا، فقيل لي: إنه لا يهيج الرسل، قال: فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآني قال: آنت وحشي؟ قلت: نعم، قال: أنت قتلت حمزة؟ قلت: قد كان من الأمر ما بلغك، قال: فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني؟ قال: فخرجت, فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج مسيلمة الكذاب، قلت: لأخرجن إلى مسيلمة، لعلي أقتله فأكافئ به حمزة، قال: فخرجت مع الناس، فكان من أمره ما كان، قال: فإذا رجل قائم في ثلمة جدار، كأنه جمل أورق ثائر الرأس، قال: فرميته بحربتي، فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه، قال: ووثب إليه رجل من الأنصار فضربه بالسيف على هامته، قال: قال عبد الله بن الفضل: فأخبرني سليمان بن يسار، أنه سمع عبد الله بن عمر، يقول: فقالت جارية على ظهر بيت: وا أمير المؤمنين، قتله العبد الأسود.

قال الحافظ ابن حجر: قوله: عن جعفر بن عمرو بن أمية .... هذا هو المحفوظ، وكذا رواه أحمد بن خالد الوهبي عن عبد العزيز أخرجه الطبراني، وقد رواه أبو داود الطيالسي عن عبد العزيز شيخ حجين بن المثنى فيه فقال: عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن سليمان بن يسار عن عبيد الله بن عدي بن خيار قال: أقبلنا من الروم - فذكر الحديث، والمحفوظ " عن جعفر بن عمرو قال: خرجت مع عبيد الله بن عدي، وكذا أخرجه ابن إسحاق " عن عبد الله بن الفضل عن سليمان بن يسار عن جعفر قال: خرجت أنا وعبيد الله " فذكره، وكذا أخرجه ابن عائذ في المغازي " عن الوليد بن مسلم عن عبد الرحمان بن يزيد بن جابر عن جعفر بن عمرو بن أمية قال: خرجت أنا وعبيد الله بن عدي " وللطبراني من وجه آخر عن ابن جابر.

 هذا ما وفقنا الله للوقوف عليه من كلام أهل العلم في هذا الحديث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات