الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رتبة حديث: إن ‌أنسابكم ‌هذه ليست ‌بسباب على أحد..، ومعناه

السؤال

ما صحة هذا الحديث؟ وما تفسيره؟
عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن ‌أنسابكم ‌هذه ليست ‌بسباب على أحد، وإنما أنتم ولد آدم، طف الصاع لم تملؤوه، ليس لأحد على أحد فضل إلا بالدين أو عمل صالح، حسب الرجل أن يكون فاحشًا بذيًا، بخيلًا جبانًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الحديث قد أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، والبيهقي في شعب الإيمان عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن ‌أنسابكم ‌هذه ليست ‌بسباب على أحد، وإنما أنتم ولد آدم، طف الصاع لم تملؤوه، ليس لأحد على أحد فضل إلا بالدين أو عمل صالح، حسب الرجل أن يكون فاحشًا بذيًا، بخيلًا جبانًا. والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.

وأما معنى الحديث وتفسيره: فقد قال الملا علي قاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: إن أنسابكم المعروفة المشهورة ليست محل سب، وسببُ عار على أحد منكم، فجميعكم أولاد آدم وحواء.
(طف الصاع لم تملأه)، يقال: طف المكيال أي ما قرب من ملئه، أي: كلكم متساوون في النسبة إلى أب واحد، متقاربون كتقارب ما في الصاع إذا لم يملأ ملأ تامًا، حتى يزداد عليه، والمعنى: كلكم في الانتساب إلى أب واحد بمنزلة واحدة في النقص والتقاصر عن غاية التمام، شبههم في نقصانهم بالمكيل الذي لم يبلغ المكيال، والنقصان الحاصل في بني آدم؛ لكونهم من تراب.
ثم اعلم أن التفاضل ليس بالنسب، ولكن بالدين والتقوى أي: باجتناب الشرك الجلي والخفي، واحتراز من الكبائر والصغائر.
والحاصل: أن أفراد الإنسان كلهم في مرتبة النقصان والخسران، إلا ذوي التقوى والكمال من أهل الأديان، كما أشار إليه -سبحانه وتعالى- بقوله: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر: 3].

قوله: (كفى بالرجل أن يكون بذيًا فاحشًا بخيلًا)، أي: كفى به مسبة وعارًا، أو نقصانًا أن يكون (بذيًا فاحشًا)، والبذاءة: الكلام القبيح، (بخيلًا)، أي: جامعًا بين إطالة اللسان، وتقصير الإحسان. اهـ بتصرف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني