مدى حصول الإثم بزيادة السرعة المقررة لخلو الشارع, والسير بعكس الاتجاه

0 291

السؤال

ما حكم الالتزام بالقوانين الإدارية والتنظيمية التي يضعها الحاكم أو من ينوب عنه لتنظيم الدولة, والتي يضعها صاحب المحل مثلا أو من ينوب عنه لتنظيم أعمال محله وتجارته, مثل: قواعد وقوانين المرور، وكذلك تخصيص أماكن محددة لانتظار السيارات، وكذلك تخصيص صفوف معينة في المحال للرجال دون النساء, وأخرى للعوائل, ونحوها؟ وهل من يخالفها آثم فقط أم أنه يأثم والذي يترتب على عمله هذا يكون حراما؟ فقد تعرضت لموقفين لهما صلة وثيقة بهذا الشأن, فأرجو أن تفتوني فيما سبق وفيهما:
الموقف الأول: كنت أنا ووالدي في أحد المحال التجارية - والتي تقوم بتنظيم صفوف المحاسبة للرجال وللنساء وللعوائل - وكنا على عجل من أمرنا, وأردنا أن نحاسب سريعا لأن وقت الأذان قد اقترب, فعندما ذهبنا إلى أماكن المحاسبة – الكاشير - وجدنا أحدها ينهي حساب رجل, ولم يكن في الانتظار أحد فذهبنا له كي نحاسب سريعا ونخرج, ولكني نظرت فوجدت زوجة الرجل معه فظننت أن هذا صف العوائل, فنظرت إلى اللافتة فوجدتها مكتوب عليها (للسيدات) فأردت أن نذهب إلى كاشير آخر, ولكن والدي سرعان ما توجه للكاشير وأتم الحساب, وخرجنا قبل وقت الصلاة - والحمد لله - مع العلم أن المحاسب لم ينبهنا إلى أنه لا ينبغي لنا الوقوف في هذا المكان, ولم ينكر علينا ما فعلنا, أو يرفض محاسبتنا ويطلب منا الذهاب أو التوجه إلى كاشير آخر, فهل ما فعلناه حرام؟ وإن كان حراما فهل نأثم فقط أم أنه يحرم علي لبس تلك الملابس التي اشتريتها؟ وما العمل لو كان حراما؟ وما يجب علي للتكفير عن هذا الذنب؟
الموقف الثاني: كثيرا ما أزيد السرعة أثناء قيادتي للسيارة عن السرعة المسموح بها, خاصة على طريق السفر؛ لأن المنطقة التي أسافر منها وإليها عادة ما يكون طريقها خاليا وغير مزدحم, وكذلك عند عودتي لمنزلي ليلا عندما يكون الطريق خاليا، وأحيانا أضطر إلى السير معاكسا لاتجاه المرور في أحد الشوارع - سواء الجانبية والفرعية, أو الرئيسية - فهل أكون آثما على هذه الأفعال؟ وهل آثم عليها فقط أم يكون ما ترتب عليها حرام؟ أي: لو كنت ذاهبا مثلا إلى صديقي أو مسافرا وزدت السرعة عن الحد المسموح فهل آثم لهذا الفعل أم لا؟ وهل أكون آثما فقط أم أن ذهابي إلى صديقي وسفري حرام لأنه شابه فعل أثمت عليه؟
وأعتذر منكم للإطالة, وجزاكم الله خيرا لما تقومون به.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالقوانين والنظم التي تضبط أمر الناس, وتنظم معاملاتهم, وتحقق لهم المصالح, وتدرأ عنهم المفاسد, ولا تخالف الشرع, ينبغي الالتزام بها في الجملة؛ لكنها تختلف من حيث وجوب الالتزام أو عدم وجوبه, وذلك حسب قوة المصلحة, ومظنة المفسدة المترتبة عليها, وقد بسطنا القول في ذلك في الفتويين رقم: 64402/79060.

وليس ما يضعه ولي الأمر أو نائبه للمصلحة العامة مثل ما يضعه التاجر في محله لتنظيم سير العمل, فمخالفة ولي الأمر قد يترتب عليها الإثم, وأما مخالفة التاجر فلا يترتب عليها ذلك.

وعليه: فوقوفك أنت ووالدك في مكان المحاسبة المخصص للنساء مع عدم وجودهن لا حرج فيه, ولا يلحقكما إثم بسببه, فليس فيه اعتداء على حق للغير, ولا ارتكاب لباطل, والغالب أن يكون القصد من ذلك الأولوية عند وجودهن مراعاة لحالهن, ومشقة مزاحمة الرجال, وهذا أمر حسن ينبغي التزامه عند وجودهن.

  وأما ما ذكرته من زيادة السرعة عما هو مقرر بسبب خلو الشارع, أو عكس الاتجاه ونحوه: فالأصل أن يلتزم بمثل هذه القوانين, وإن كان المخالف يظن أنه لن يحصل بها مصلحة, أو أنه لن يترتب على عدم الالتزام بها مفسدة.

وعلى كل: فالإثم وعدمه في الالتزام بها بحسب قوة المصلحة في التزامها, وما قد يترتب من المفاسد عند مخالفتها, جاء في تحفة المحتاج من كتب الشافعية ما يلي: الذي يظهر أن ما أمر به ـ أي الحاكم ـ مما ليس فيه مصلحة عامة لا يجب امتثاله إلا ظاهرا ـ يعني خشية الضرر أو الفتنة فقط ـ بخلاف ما فيه ذلك يجب باطنا أيضا. اهـ.

وفي كل الأحوال: فإن من خالف تلك القوانين المرورية لا يكون سفره الذي ارتكب فيه تلك المخالفة سفرا محرما، ولا تكون الغاية التي يريدها محرمة. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة