الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصرف المشتري في الأرض التي اشتراها من الدولة على خلاف بنود عقد البيع

السؤال

هناك بعض الأراضي يتم طرحها من قبل الدولة للمواطنين في بلدي، وهناك عدة شروط لها، منها:
1- لا يجوز التنازل عن قطعة الأرض، أو التصرف فيها بأي صورة من صور التصرفات الأخرى، إلا بعد الحصول على موافقة كتابية مسبقة من الجهاز المسئول، وسداد المصاريف الإدارية المقررة، وشريطة سداد المستحقات المالية للقطعة حتى تاريخ تقديم طلب التنازل.
2- يتم التخصيص، وخلال شهر يتم سداد مبلغ معين من قيمة الأرض، والباقي على أقساط، أو يتم سداد كامل المبلغ حسب رغبة المتقدم.
وعندي عدة أسئلة حول تلك الأراضي:
1- إذا قمت ببيعها بعد تخصيصها قبل سداد ثمنها بالكامل، وعليها مستحقات مالية في تاريخه، فهل يجوز...؟
2- إذا قمت ببيعها بعد تخصيصها قبل سداد كامل ثمنها، وليس عليها مستحقات مالية وقت البيع، فهل يجوز...؟
2- إذا قمت ببيعها بعد التخصيص دون عمل التنازل في الجهاز المختص بتوكيل للمشتري فقط، فهل يجوز ذلك أم لا؟ حيث إن المصاريف المقررة عند التنازل في الجهاز المسئول حوالي: 12 % من قيمة الأرض، وهي نسبة كبيرة، ويتحملها المشتري، وكثير منهم لا يرغب في دفع رسوم التنازل، ويكتفي بتوكيل، وعقد بيع فقط، فهل ذلك حرام؟
3- من ضمن شروط بعض تلك الأراضي أن لا يكون المتقدم قد سبق له الحصول على قطعة في تخصيصات سابقة، وأنا قد تم تخصيص قطعة لي قبل ذلك، فهل يجوز أن أتقدم باسم أحد من أهلي أثق به، وأدفع أنا ثمن الأرض، ثم أعطيه مبلغا معينا مقابل ذلك، أو نسبة من ربح بيعها؟
4- هل يجوز أن أشترك مع مجموعة، ونقدم باسم أحدنا، ويتم تقسيم الأرباح طبقا لنسبة المساهمة في ثمن الأرض؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل الجامع لكل ما سأل عنه السائل هو وجوب الوفاء بالعقود، والالتزام بالشروط المتفق عليها، وخاصة إذا كان للشروط أثر في تخفيض الثمن، أو تأجيل الدفع، أو غير ذلك من المميزات، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لمائدة: 1}.

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح- وصححه الألباني.

وقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: إذا كان حسن الوفاء ورعاية العهد مأمورا به، علم أن الأصل صحة العقود والشروط؛ إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره، وحصل به مقصوده، ومقصوده هو الوفاء به. اهـ.

وعلى ذلك، فإذا كانت الدولة تشترط في بيع هذه الأراضي: سداد المصاريف الإدارية المقررة، وسداد المستحقات المالية حتى تاريخ البيع، لزم الوفاء بذلك.

وكذلك التقديم باسم الغير، والتشارك مع الغير، إذا كانت الدولة تمنعه، فلا يصح فعله.

ويتأكد هذا بالنظر لكون هذه الشروط إنما وضعت مراعاة للمصلحة العامة، بإتاحة الأراضي لأكبر عدد من المستفيدين، ممن يحتاجون للانتفاع بها فعلا، وليس لغرض الاتجار بها، والربح من خلالها، جاء في الموسوعة الفقهية: قد يكون الإجبار ـ الإكراه ـ حقا لولي الأمر بتخويل من الشارع، دفعا لظلم، أو تحقيقا لمصلحة عامة. اهـ.

والقاعدة في ذلك أن: تصرف الراعي على الرعية منوط بالمصلحة، فحيث وجدت لزمت طاعته- وانظري الفتوى: 135643.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني