السؤال
شيوخنا الأفاضل: زوجي رجل أعمال, ولديه أملاك: من مؤسسة لبيع مواد البناء, وبيت, وسيارات, وغيرها - والحمد لله - ونحن نعيش مع أهله منذ أن تزوجنا, وهو الذي يتكفل بكامل مصاريف البيت؛ لأن أباه لا يعمل, وهو الذي يصرف على إخوته الذين يدرسون, فهو صاحب البيت, وصاحب السيارات, وأبوه لا يملك شيئا من ذلك, ولا إخوته أيضا, وقد كتب كل ممتلكاته باسم أبيه, وعندما نصحته وقلت له: (اجعلها باسمك؛ حتى لا يضيع حقنا وحق أولادنا – ابن عمره 6 سنوات وبنت عمرها 3 سنوات- إذا قدر الله أن تموت أنت أو أبوك) وذكرت له أن حفظ المال من مقاصد الشرع، وأنه يعلم المشاكل التي تحدث بسبب الميراث, وظلم المرأة والأولاد في ذلك, فكان يجيبني بأنه يعلم جيدا ما يفعل, ويقول: (إن الله معنا, وإنه لن يفعل هذا الأمر), فأرجو منكم أن تقدموا لزوجي النصيحة في هذا الشأن, مدعمة بالأدلة من الكتاب والسنة.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فإنفاق زوجك على والده لا شك أنه من البر وأفضل القربات, وكذا إنفاقه على إخوانه عمل صالح يؤجر عليه - إن شاء الله تعالى - وكتابته لأملاكه باسم أبيه تحتمل أمورا, منها: أن يريد بها الهبة, أي: كتبها باسم أبيه على أنها هبة له ناجزة فهذا جائز, ولا حرج عليه - ما دام في صحته - أن يهب لأبيه ما شاء من أملاكه، وينبغي في هذه الحالة أن يبقي شيئا لأولاده وزوجته, فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. متفق عليه, وراجعي في هذا فتوانا رقم: 120067.
ويحتمل أن يريد بها الوصية, بأن تكون أملاكه لأبيه بعد وفاته، وهذه وصية لوارث, وهي ممنوعة شرعا, كما بيناه في الفتوى رقم: 170967, والفتوى رقم: 121878.
وإن كان كتبها باسم والده لا لغرض الهبة, ولا الوصية, وإنما لأمر آخر كتمرير إجراءات قانونية من حقه القيام بها, ولكنه لا يمكنه إلا إذا سجلها باسم غيره, فهذا لا حرج فيه في الأصل, ولا يعتبر تمليكا، جاء في الموسوعة الفقهية: يقول الشيخ منصور البهوتي الحنبلي: إذا خاف شخص أن يأخذ آخر ماله ظلما جاز له الإقرار - صورة - بما يدفع هذا الظلم، ويحفظ المال لصاحبه. اهـ .
ولكن ينبغي له في هذه الحال أن يشهد على أن تلك الأملاك له لا لوالده؛ لأنه إذا لم يشهد فقد تضيع بها حقوق في المستقبل, فإنه لا يدرى هل يموت هو أولا أو يسبقه أبوه, وفي كلا الحالين قد يتعذر قسمة التركة بين ورثة زوجك؛ لأنها ليست باسمه, وقد ينكر الأب أو ورثته أنها لابنه, فيضيع حق الورثة, فلا ينبغي إذن كتابة الأملاك باسم غير مالكها الحقيقي بغير إشهاد سدا للذرائع المفضية إلى الشقاق والنزاع وضياع الحقوق.
والذي ننصح به الأخت السائلة هي أن تنصحه برفق وحكمة, وتبين له ما قد يترتب عليها من المفاسد.
والله تعالى أعلم.