ترك طلب العلم الشرعي بحجة عدم ملائمة البيئة وسرعة الغضب

0 187

السؤال

أشعر بالخوف من مواصلة الدراسة في الدراسات الإسلامية؛ لأن البيئة لا تساعد, ولأنني سريعة الغضب, وأحس أنني لست أهلا لذلك, وأريد الخروج, فهل علي أثم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم تخبرينا كيف تكون البيئة التي تعيشين فيها غير ملائمة لطلب العلم الشرعي؛ حتى نوجهك للمخرج الصحيح حسب الاستطاعة، وعلى كل حال: فلا بد أن تعلمي أن طريق طلب العلم غير معبد, ولا مفروش بالورود والرياحين؛ إذن لوجدت أكثر الناس علماء!

والحقيقة أن طريق طلب العلم طويل وشاق, وتكثر فيه العقبات، ولكن عاقبته حميدة, وأحلى طعما من العسل! والله عز وجل يصطفي لسلوك طريق طلب العلم الخاصة من أوليائه، ويستخدمهم في نشر دينه والدلالة عليه، وفي بيان ما أعده سبحانه لأوليائه وما توعد به أعدائه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرث هذا العلم من كل خلف عدوله, ينفون عنه تأويل الجاهلين, وانتحال المبطلين, وتحريف الغالين. رواه البيهقي وغيره.

فلا بد من الصبر, ومجاهدة النفس, والجلد والمثابرة, وعدم الملل والضجر, وتحمل المشاق؛ حتى تكونين في زمرة أهل العلم الذين هم من خيرة الناس, وأعلمهم بالله تعالى وبمراضيه.

وما تشكين منه من سرعة الغضب وغيرها من الأخلاق السيئة: فإن العلم النافع كفيل بمداواتك وتهذيبك، مع الأخذ بالأسباب الأخرى كصحبة أهل التواضع والحلم, واستنصاحهم، وكدعاء الله تعالى أن يحسن أخلاقك، ومن الأدعية المأثورة في ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا قام إلى الصلاة، قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك.

واحذري من تلبيس الشيطان عليك، وإيهامه إياك أنك لست أهلا لطلب علوم الشريعة؛ لأنه يعلم فضل طلب العلم، وما أعده الله تعالى لطالبيه في الدنيا والآخرة، ويريدك أن تكوني من الجاهلين الذين يسهل عليه إغواؤهم والتلاعب بهم، وانظري الفتوى رقم: 106395

وبالنسبة لحكم ترك طلب العلم: فإنه بحسب المعلوم، فإن كان مما يجب تعلمه، كالعلم الذي يصحح به الإنسان عقيدته وعبادته ومعاملاته: فإنه يأثم بتركه, وما فوق ذلك من العلم لا يأثم الإنسان بترك طلبه إذا لم يتعين عليه، وانظري ماهية العلم الواجب في الفتوى رقم: 15872.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة