السؤال
هل من تفسير لحديث عائشة - رضي الله عنها - "أنها كانت تغسل المني من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أراه فيه بقعة أو بقعا" فما معنى: "ثم أراه فيه بقعة أو بقعا"؟
جزاكم الله خيرا.
هل من تفسير لحديث عائشة - رضي الله عنها - "أنها كانت تغسل المني من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أراه فيه بقعة أو بقعا" فما معنى: "ثم أراه فيه بقعة أو بقعا"؟
جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الأثر رواه البخاري في صحيحه.
وأوضح منه في المعنى ما جاء عن عائشة في رواية أخرى في الصحيح أيضا، بلفظ: كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة، وأثر الغسل في ثوبه بقع الماء.
قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: يحتمل معنيين، أحدهما: أن يكون معناه: بلل الماء الذى غسل به الثوب، والضمير راجع فيه إلى أثر الماء، فكأنه قال: وأثر الغسل بالماء بقع الماء فيه، يعنى لا بقع الجنابة.
ويحتمل أن يكون معناه: وأثر الغسل يعني أثر الجنابة التي غسلت بالماء فيه بقع الماء التي غسلت به الجنابة، والضمير فيه راجع إلى أثر الجنابة لا إلى أثر الماء, وكلا الوجهين جائز، لكن قوله في الحديث الآخر: أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أراه فيه بقعة أو بقعا, يدل أن تلك البقع كانت بقع المني وطبعه لا محالة؛ لأن العرب أبدا ترد الضمير إلى أقرب مذكور، وضمير المني في الحديث الآخر أقرب من ضمير الغسل. اهـ.
وقد تعقبه العيني في عمدة القاري فقال: هذا ليس بشيء؛ لأن في الحديث صرح: "وإن بقع الماء", ووقع عند ابن ماجه: "وأنا أرى أثر الغسل فيه" يعني لم يجف. اهـ.
وحديث ابن ماجه هذا ثابت في صحيح مسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغسل المني, ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه.
وهذا لا يلغي الاحتمال الآخر الذي ذكره ابن بطال، بل ذاك هو الظاهر، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قوله: "وأثر الغسل فيه" يحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى أثر الماء، أو إلى الثوب، ويكون قوله: "بقع الماء" بدلا من قوله "أثر الغسل" كما تقدم, أو المعنى: أثر الجنابة المغسولة بالماء فيه من بقع الماء المذكور, وقوله في الرواية الأخرى: "ثم أراه فيه" بعد قوله: "كانت تغسل المني" يرجح هذا الاحتمال الأخير؛ لأن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور، وهو المني اهـ.
ويؤكد هذا أن البخاري بوب عليه: (باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره) قال الحافظ: استدل به المصنف على أن بقاء الأثر بعد زوال العين في إزالة النجاسة وغيرها لا يضر، فلهذا ترجم: باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره, وأعاد الضمير مذكرا على المعنى، أي: فلم يذهب أثر الشيء المغسول، ومراده أن ذلك لا يضر. اهـ.
وقد سبق لنا بيان أن الراجح من أقوال أهل العلم هو طهارة المني، وراجع في ذلك الفتويين: 13101، 1789.
والله أعلم.