مقدار دية الجنين والمستحقون لها

0 334

السؤال

أريد أداء دية عن إجهاض ارتكبت ذنبه منذ حوالي 19 سنة بموافقة زوجي - رحمه الله – وكان عمر الجنين آنذاك يتراوح بين ثلاثين وخمسين يوما, فأرجو منكم أن تدلوني من هم الورثة؟ وما نصيب كل واحد منهم من قيمة 213 غراما من الذهب؟ علما أن لدي بنتا وابنا - أشقاء الجنين – بالإضافة لأبي المرحوم زوجي, ولأبوي كذلك، كما أن الجنين له أعمام وعمات, وخال واحد وخالات؛ وهل يجوز إعطاء الورثة حقهم دون أي تبرير - جزاكم الله خيرا -؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أن دية الجنين عشر دية أمه, والمفتى به عندنا أن الدية إنما تلزم إذا خرج الحمل عن طور النطفة, وذلك بعدما يمر عليه أربعون يوما، ويدخل في الأربعين الثانية, ولا تجب قبل ذلك كما في الفتوى رقم: 130939.

فإذا تيقنت أن الجنين بلغ عمره عند الإجهاض ما ذكرناه ففيه الدية, وإن شككت في بلوغه ذلك لم تجب الدية؛ إذ الأصل براءة الذمة فلا نشغلها بالشك, وقد نص الفقهاء على أنه لا يجب الضمان بالشك, وقالوا: لو قتل حاملا لم يسقط جنينها، أو ضرب من في جوفها حركة أو انتفاخ، فسكن الحركة وأذهبها، لم يضمن الجنين لأنه لا ضمان بالشك.

والدية يمكن أن تقدر بالذهب أو بالفضة, أو ببهيمة الأنعام من الإبل أو البقر أو الغنم, فإذا كانت أمه حرة مسلمة فدية الجنين تقدر بواحد مما يلي:
أولا: الإبل, فإذا قدرت بالإبل فإن دية الجنين تساوي خمسا من الإبل؛ لأن دية أمه خمسون من الإبل.

ثانيا: إذا قدرت بالذهب, فإن ديته تساوي خمسين مثقالا من الذهب؛ لأن دية أمه خمسمائة مثقال, والخمسون مثقالا تساوي خمسين دينارا ذهبيا؛ لأن الدينار الذهبي بمثقال في المفتى به عندنا, جاء في الموسوعة الفقهية عن المثقال: في اصطلاح الفقهاء المثقال وزن الدينار من الذهب .. اهــ. وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: والدينار الإسلامي زنته: مثقال، والمثقال: أربعة غرامات وربع .. اهـ. وعلى هذا القول فإن دية الجنين تساوي مائتين واثني عشر جراما ونصف الجرام.

ثالثا: إذا قدرت بالفضة, فإن دية الجنين تساوي ستمائة درهما من الفضة؛ لأن دية أمه ستة آلآف درهم, والستمائة درهم فضة تساوي بالجرام ألفا وسبعمائة وخمسة وثمانين جراما.

رابعا: إذا قدرت بالبقر, فإن دية الجنين عشر من البقر؛ لأن دية أمه مائة بقرة.

خامسا: إذا قدرت بالغنم, فإن دية الجنين مائة من الغنم لأن دية أمه ألف شاة.

قال ابن قدامة في المغني بعد ذكره مقادير الدية بالذهب والفضة والإبل والبقر والغنم: أي شيء أحضره من عليه الدية من القاتل أو العاقلة من هذه الأصول، لزم الولي أخذه، ولم يكن له المطالبة بغيره، سواء كان من أهل ذلك النوع، أو لم يكن؛ لأنها أصول في قضاء الواجب، يجزئ واحد منها. اهــ. وانظري الفتوى رقم: 114266عن التقدير الصحيح للدية.

وإذا كان الطبيب هو الذي تولى عملية الإجهاض بطلب من أبوي الجنين, فإن الطبيب هو المطالب بدفع الدية؛ لأنه المباشر, والأبوان متسببان في القتل, والدية إنما تجب على من باشر الإجهاض دون من تسبب فيه؛ لما تقرر عند الفقهاء أنه: إذا اجتمع التسبب والمباشرة اعتبرت المباشرة.
وما دام الأبوان متسببين في إسقاطه فإنهما لا يرثان من ديته, وتدفع الدية إلى ورثة الجنين دون الأب والأم, قال صاحب الزاد: من انفرد بقتل مورثه، أو شارك فيه مباشرة، أو سببا بلا حق، لم يرثه ... اهــ .
وجاء في كشاف القناع : ... الآمر بالقتل بغير حق لا يرث من المقتول شيئا؛ لأن له تسببا في القتل .... اهــ.

وتقسم بين من كان موجودا من ورثة الجنين وقت إسقاطه دون من ولد بعد ذلك, فإذا كان للجنين وقتها جد - أب الأب - وجدة - أم الأم - وأخ وأخت شقيقان - كما فهمناه من السؤال - فإن لجدته سدس الدية, ويقاسم الجد الشقيقة والشقيق في الباقي – والمقاسمة هنا أحظ له من ثلث الباقي, وسدس جميع المال – فتقسم التركة على ستة أسهم, للجدة سدسها, سهم واحد, وللجد سهمان, وللشقيق سهمان, وللشقيقة سهم واحد, وهذا على القول بتوريث الإخوة مع الجد - وهو قول جمهور أهل العلم - وأما على القول بأن الجد يحجب الإخوة فإن للجدة سهم والباقي كله لجد الجنين, وأما أعمام الجنين فلا شيء لهم لأنهم محجوبون بجده حجب حرمان, وكذا لا شيء لعماته وأخواله وخالاته لأنهم جميعا ليسوا من الورثة, والواجب إعطاء الورثة حقهم دون مماطلة.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية؛ وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية‘ فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذا قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة