الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الشفاء لزوجك، وأن يطيل عمره في طاعته.
أما عن موضوع دفنه حال حصول أجله، فإنه يدفن في مقبرة المسلمين إن وجدت، فإن لم توجد دفن في مكان يأمن فيه من نبش قبره، أو حرق جثته ونحو ذلك. ومؤنة هذا المكان من ماله إن وجد له مال، وإلا على المنفق عليه من أقربائه، وإلا وجب على جماعة المسلمين في هذا البلد القيام بذلك؛ لأن دفن الميت فرض كفاية يجب دفع تكاليفه بشراء أرض أو كرائها على سبيل التأبيد من مال الميت، وإلا فعلى أقربائه، وإلا لزم عامة المسلمين على سبيل الكفائية.
قال الشافعي في الأم: ومؤنة الميت من رأس ماله...اهـ.
وقال النووي في المجموع: دفن الميت فرض كفاية بالإجماع, وقد علم أن فرض الكفاية إذا تعطل أثم به كل من دخل في ذلك الفرض دون غيرهم ... قال الشافعي رحمه الله: ولو أن مجتازين مروا على ميت بصحراء، لزمهم القيام به رجلا كان أو امرأة، فإن تركوه أثموا، ثم ينظر فإن كان بثيابه ليس عليه أثر غسل ولا كفن لزمهم غسله وتكفينه والصلاة عليه، ودفنوه بحسب الإمكان وإن كان عليه أثر غسل وحنوط وكفن، دفنوه, فإن اختاروا الصلاة عليه صلوا بعد دفنه؛ لأن الظاهر أنه صلي عليه. هذا آخر كلام صاحب الحاوي رحمه الله. اهـ.
وقال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة: والصلاة على موتى المسلمين فريضة يحملها من قام بها، وكذلك مواراتهم بالدفن ...اهـ.
وجاء في شرح كنز الدقائق: ( وهي فرض كفاية ) أي الصلاة عليه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: { صلوا على صاحبكم } والأمر للوجوب, ولو كانت فرض عين لصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم; ولأن المقصود يحصل بإقامة البعض فتكون فرض كفاية, وكذا تكفينه فرض على الكفاية, ولهذا يقدم على الدين الواجب عليه, ويجب على من تجب عليه نفقته, وكذا غسله ودفنه فرض على الكفاية. اهـ.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في شرح روض الطالب: ويجب تكفين الذمي ودفنه علينا إذا لم يكن له مال، ولا من تلزمه نفقته، وفاء بذمته، كما يجب إطعامه وكسوته حيا حينئذ. اهـ.
ويجوز نقل الميت إلى بلد مسلم بشرط ألا يحصل خلال ذلك تمزق أعضاء الميت ونحو ذلك.
قال الحافظ في الفتح: واختلف في جواز نقل الميت من بلد إلى بلد، فقيل يكره لما فيه من تأخير دفنه وتعريضه لهتك حرمته، وقيل يستحب. والأولى تنزيل ذلك على حالتين، فالمنع حيث لم يكن هناك غرض راجح كالدفن في البقاع الفاضلة وتختلف الكراهة في ذلك، فقد تبلغ التحريم، والاستحباب حيث يكون ذلك بقرب مكان فاضل، كما نص الشافعي على استحباب نقل الميت إلى الأرض الفاضلة كمكة وغيرها. اهـ.
ولمالك في الموطأ: أنه سمع غير واحد يقول إن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد ماتا بالعقيق فحملا إلى المدينة ودفنا بها.
قال الشوكاني رحمه الله: قوله: فحملا إلى المدينة، فيه جواز نقل الميت من الموطن الذي مات فيه إلى موطن آخر يدفن فيه، والأصل الجواز فلا يمنع من ذلك إلا لدليل. اهـ.
وقال أحمد الدردير في شرحه لمختصر خليل: وجاز نقل الميت قبل الدفن، وكذا بعده من مكان إلى آخر، بشرط ألا ينفجر حال نقله، وألا تنتهك حرمته، وأن يكون لمصلحة، كأن يخاف عليه أن يأكله البحر، أو ترجى بركة الموضع المنقول إليه، أو ليدفن بين أهله، أو لأجل قرب زيارة أهله. انتهى.
وقال أبو النجا الحجاوي في متن الإقناع: ولا بأس بتحويل الميت ونقله إلى مكان آخر بعيدا لغرض صحيح، كبقعة شريفة، ومجاورة صالح، مع أمن التغير. انتهى.
وأما عن الجمعيات السعودية، فليس عندنا خبرها، فيمكن أن تتواصلوا في شأنها مع بعض المواقع السعودية المختصة.
والله أعلم.