السؤال
نحن كمسلمين نؤمن بأن السحر حقيقي وله تأثير وأنه لا يضر إلا بإذن الله، فهل من خصائص السحر إمكانية نقل الساحر للأشياء من مكان لآخر؟ وكيف يتفق إيماننا بالسحر مع قول الرسول عليه الصلاة والسلام: من أتى ساحرا أو كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد؟ وهل هذا فيما يدعيه من معرفة الغيب فقط؟ أم يدخل فيه إن قال مثلا: أنا قمت بالسحر الفلاني؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السحر له حقيقة وتأثير وليس هو مجرد تخييل عند عامة علماء أهل السنة، وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 18942، ورقم: 31599.
وأما بخصوص إمكان نقل السحرة للأشياء من مكان لآخر: فهو أمر غير مستبعد وقد يمكنهم ذلك بالاستعانة بالجن.
وأما حديث: من أتى ساحرا أو كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ـ فلم يرد مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، وإنما جاء موقوفا من كلام ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أخرجه البيهقي، قال ابن حجر: سنده جيد، لكن لم يصرح برفعه ومثله لا يقال بالرأي. اهـ.
والحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد جاء من حديث أبي هريرة بلفظ: من أتى كاهنا، أو عرافا، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد ـ وليس فيه ذكر الساحر، أخرجه أحمد في مسنده.
والمقصود من النهي في حديث أبي هريرة وأثر ابن مسعود: هو تصديق أولئك فيما يدعونه من علم الغيب، وليس المراد به النهي عن تصديقهم في كل ما يتكلمون به، قال الخطابي: فالحديث يشتمل على النهي عن إتيان هؤلاء كلهم والرجوع إلى قولهم وتصديقهم على ما يدعونه من هذه الأمور. اهـ.
وتصديق الساحر في إخباره عن سحره ليس منهيا عنه، ومما يدل على جوازه ما جاء عن عائشة، رضي الله عنها: أنها دبرت جارية لها, فسحرتها, فاعترفت بالسحر, فأمرت بها عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن تباع من الأعراب ممن يسيء مملكتها, فبيعت.
وما جاء عن ابن عمر: أن حفصة بنت عمر ـ رضي الله عنهما ـ سحرتها جارية لها فأقرت بالسحر وأخرجته فقتلتها. أخرجهما البيهقي.
فهذا الأثران فيهما تصديق الساحر فيما يخبر به من سحره لغيره، وانظر الفتويين رقم: 62605، ورقم: 160103.
والله أعلم.