هل ينافي اليقين بالإجابة قول الداعي يارب كذا وإن لم تفعل فصبرني

0 198

السؤال

هل إذا دعوت وقلت يارب كذا وإن لم تفعل فصبرني أكون غير واثق في الإجابة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن من آداب الدعاء اليقين بالإجابة، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه. والحديث رواه الترمذي وغيره، وحسنه الألباني.

ومعناه كما قال التوربشتي: أي كونوا على حالة تستحقون فيها الإجابة وذلك بإتيان المعروف واجتناب المنكر وغير ذلك من مراعاة أركان الدعاء وآدابه حتى تكون الإجابة على القلب أغلب من الرد، أو المراد ادعوه معتقدين وقوع الإجابة لأن الداعي إذا لم يكن متحققا في الرجاء لم يكن رجاؤه صادقا، وإذا لم يصدق رجاؤه لم يكن الرجاء خالصا والداعي مخلصا، فإن الرجاء هو الباعث على الطلب ولا يتحقق الفرع إلا بتحقيق الأصل. انتهى. 

وأما قولك في دعائك: يا رب كذا وإن لم تفعل فصبرني ـ فالظاهر أنه لا ينافي اليقين بالإجابة ـ إن شاء الله تعالى ـ فغاية ما فيه أنك تسأل الله تعالى أن يختار لك خير الأمرين من العافية مثلا أو الصبر على البلاء، ومن المعلوم أن الصبر على البلاء أحيانا يكون خيرا للإنسان من العافية، كما في قصة المرأة السوداء التي كانت تصرع وهي ثابتة في الصحيحين عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي بن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت بلى، قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم قالت إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي، قال إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، قالت أصبر قالت فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها.

وقد فرق العلامة ناصر السعدي في كتابه القول السديد في مقاصد التوحيد بين الدعاء بالمطالب الدينية كسؤال الرحمة والمغفرة، والمطالب الدنيوية المعينة على الدين كسؤال العافية والرزق وتوابع ذلك، فهذه ذكر أنه لا بد فيها من الجزم عند الدعاء، فقال رحمه الله: أما سؤال بعض المطالب المعينة التي لا يتحقق مصلحتها ومنفعتها، ولا يجزم أن حصولها خير للعبد، فالعبد يسأل ربه ويعلقه على اختيار ربه له أصلح الأمرين، كالدعاء المأثور: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي ـ وكدعاء الاستخارة،ثم قال: فافهم هذا الفرق اللطيف البديع بين طلب الأمور النافعة المعلوم نفعها وعدم ضررها، وأن الداعي يجزم بطلبها ولا يعلقها، وبين طلب الأمور التي لا يدري العبد عن عواقبها، ولا رجحان نفعها على ضررها، فالداعي يعلقها على اختيار ربه الذي أحاط بكل شيء علما وقدرة ورحمة ولطفا. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة