السؤال
هل ينفع والدي المتوفى التسبيح له, واستغفاري له, وقراءتي للقرآن وإهدائي له, والتصدق عنه؟ علما أنه كان قليل الصلاة في حياته, فهناك من يقول لي: استغفارك لأبيك لا ينفعه؛ لأنه يشبه استغفار إبراهيم لأبيه, علما أن أبي ينطق بالشهادة, ويعترف بوجود الله عز وجل.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يغفر لوالدكم, ويأجركم على مصيبتكم، ويحسن عزاءكم فيه.
واعلم أن من مات على التوحيد يصله - إن شاء الله - وينفعه ما أهدي له من استغفار, وصدقة؛ لما في الصحيحين أن رجلا قال: يا رسول الله: إن أمي افتلتت نفسها, وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلا قال: يا رسول الله إن أبي مات ولم يوص، أفينفعه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم. رواه أحمد ومسلم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالصدقة على الميت، وأمر أن يصام عنه الصوم، فالصدقة عن الموتى من الأعمال الصالحة، وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم, وبهذا وغيره احتج من قال من العلماء: إنه يجوز إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موتى المسلمين, كما هو مذهب أحمد وأبي حنيفة، وطائفة من أصحاب مالك والشافعي.
وقال في المبدع: وأي قربة من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك فعلها مسلم وجعل ثوابها لميت مسلم نفعه، قال الإمام أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة. اهـ.
وأما عن تقصيره في المحافظة على الصلاة: فلا شك أن الصلاة عماد الدين, وأعظم أركانه بعد الشهادتين، وأن من قصر في المحافظة على أدائها فهو على خطر عظيم، ومع ذلك فإنه لا يلحق بالشرك الأكبر الذي اتصف به أبو نبي الله إبراهيم, وقد رجح الشيخ العثيمين - رحمه الله - أن تركها في بعض الأحيان كسلا لا يحصل به الكفر, وذلك حيث يقول: الذي يتبين لي من الأدلة أن ترك الصلاة لا يكون كفرا إلا إذا تركها الإنسان تركا مطلقا، وأما من يصلي ويخلي, فيصلي بعض الأحيان ويترك بعض الأحيان فالذي يظهر لي من الأدلة أنه لا يكفر بذلك. انتهى.
وانظر لتفصيل الخلاف في حكم تارك الصلاة الفتوى رقم: 130853, والفتوى رقم: 182215.
والله أعلم.