السؤال
قبل حوالي عشر سنين كنت أمارس العادة السرية بسبب أصدقاء السوء، وكان عمري في ذلك الوقت يتراوح بين 14 و 15 سنة، والآن والحمد لله تبت إلى الله ووفقني سبحانه وتخلصت منها، وأصبحت ملتزما وأحفظ القرآن وكرهني الله تعالى في المعاصي كلها، مع العلم أن عمري الآن 24 سنة، والمشكلة أنني فيما مضى مارست العادة السرية مرتين أو ثلاث مرات في نهار رمضان، وذلك لجهلي، حيث كنت أعتقد أن رمضان تمنع فيه شهوة الأكل فقط، مع أنني كنت أشك في الأمر، فمرة أقول إنه حرام، ومرة أقول إنه ليس كذلك، ومارستها ثلات أو أربع مرات وكان عمري 13 سنة و14 سنة و15 سنة، أي في ثلاث رمضانات حيث في كل رمضان ثلاث أو أربع مرات.
والسؤال: هل أنا بالغ تمام البلوغ في ذلك الوقت أي من ناحية العقل وما شابه ذلك، وإن كان كذلك فما هي كفارتي عن هذا الذنب، مع أنني لا أعلم عدد المرات بالضبط التي مارست فيها هذه العادة السيئة؟ أفيدوني أفادكم الله ووفقكم الله وبارك فيكم، وجزاكم عني كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتقبل منك توبتك، وأن يسدد خطاك، ويحول بينك وبين معاصيه، وأن يتقبل منك صالح الأعمال، وبلوغ الذكر يعرف بإحدى علامات ثلاث، هي: خروج المني في اليقظة أو في المنام، وإنبات شعر العانة الخشن، وبلوغ سن خمس عشرة سنة قمرية، فإذا اتصفت بإحدى هذه العلامات فقد أصبحت بالغا مكلفا مؤاخذا بفعلك وتأثم بفعل الحرام، وأما إن كنت الآن شاكا في بلوغك ولم تتذكر شيئا من علامات البلوغ في ذاك الوقت فلا يحكم ببلوغك، ولا شيء عليك، وانظر تفصيل ذلك في هذه الفتوى: 103637.
وأما فساد الصوم: فلا يفسد صومك بالاستنماء في نهار رمضان إلا مع خروج المني، فإن خرج فسد صومك وعليك قضاء ما أفطرت من أيام في رمضان إن كنت عالما بأن الاستنماء محرم عليك، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: ولو استمنى بيده فقد فعل محرما, ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل, فإن أنزل فسد صومه. انتهى.
وأما إن كنت جاهلا بأنه محرم فلا شيء عليك، قال ابن عثيمين: القول الراجح أن من فعل مفطرا من المفطرات، أو محظورا من المحظورات في الإحرام، أو مفسدا من المفسدات في الصلاة وهو جاهل فإنه لا شيء عليه، لقول الله تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا {البقرة:286} فقال الله: قد فعلت. انتهى.
وأما إن كنت شاكا بأنه محرم عليك فالظاهر أن صومك يفسد، لأنك كنت مقصرا في رفع الجهل عنك، والجاهل إنما عفي عنه لعدم تقصيره، ولذا ألزموه الفدية في بعض صور محظورات الإحرام لتقصيره، قال في المجموع: قال المتولي: ولو علم تحريم الطيب ولكنه اعتقد في بعض أنواع الطيب أنه ليس بحرام فالصحيح وجوب الفدية لتقصيره. انتهى.
وإذا وجب عليك القضاء وجبت عليك الكفارة إن كنت أخرت القضاء لغير عذر ولم تكن جاهلا بوجوب القضاء قبل دخول رمضان آخر، والكفارة هي إطعام مسكين مدا من طعام، وهو ما يعادل 750 جراما تقريبا عن كل يوم، قال في المغني: فإن أخره لغير عذر حتى أدركه رمضانان، أو أكثر لم يكن عليه أكثر من فدية مع الفطر، لأن أكثر التأخير لا يزداد بها الواجب, كما لو أخر الحج الواجب سنين لم يكن عليه أكثر من فعله. انتهى.
وأما إن كان تأخير القضاء لعذر كمرض أو نسيان أو جهل فلا كفارة عليك وعليك القضاء فقط، قال ابن حجر في تحفة المحتاج: قال الأذرعي: لو أخره لنسيان أو جهل فلا فدية، كما أفهمه كلامهم، ومراده الجهل بحرمة التأخير وإن كان مخالطا للعلماء لخفاء ذلك. انتهى.
وإذا جهلت عدد الأيام فاقض ما يغلب على الظن أن ذمتك تبرأ به أي اعمل بالاحتياط، فلو شككت في الأيام هل هي عشرة أو تسعة مثلا فاقض عشرة أيام، ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 10024، 108903، 70806.
والله أعلم.