الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأخير قضاء رمضان لسنوات بسبب الجو الحار وطول النهار.

السؤال

هل يجوز تأخير قضاء رمضان لسنوات ماضية بسبب الجو الحار، وطول النهار؟ مع العلم أن تأخير قضاء تلك السنوات لم يكن له عذر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن أفطر أياما من رمضان، فينبغي أن يبادر إلى تعجيل قضائها إبراء للذمة، ويجوز تأخير القضاء ما لم يضق الوقت، بأن لا يبقى بينه وبين رمضان القادم إلا ما يسع أداء ما عليه، فيتعين ذلك الوقت للقضاء عند الجمهور، فإن أَخَّر القضاء بلا عذر حتى دخل رمضان الذي يليه، وجب عليه -مع القضاء- إطعامُ مسكين مدًّا من طعام عن كل يوم، والمُدُّ يعادل: 750 جرامًا تقريبا، من غالب قوت أهل البلد، هذا مذهب الجمهور.

قال ابن قدامة في المغني: وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ مَنْ عليه صَوْمٌ من رمضانَ، فله تَأْخِيرُه، ما لم يَدْخُلْ رمضانُ آخَرُ؛ لما رَوَتْ عائشةُ قالت: كان يكونُ عَلَىَّ الصِّيامُ من شهرِ رمضانَ، فما أقْضِيه حتى يَجِىءَ شعبانُ- مُتَّفَقٌ عليه، ولا يجوزُ له تَأْخِيرُ القَضاءِ إلى رمضانَ آخَرَ مِن غيرِ عُذْرٍ؛ لأنَّ عائشةَ -رَضِىَ اللَّه عنها- لم تُؤَخِّرْ إلى ذلك، ولو أمْكَنَها لأخَّرَتْهُ، ولأنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، فلم يَجُزْ تَأْخِيرُ الأُولَى عن الثانيةِ، كالصَّلَوَاتِ المَفْرُوضَةِ، فإنْ أَخَّرَهُ عن رمضانَ آخَرَ نَظَرْنَا؛ فإن كان لِعُذْرٍ فليس عليه إلَّا القَضَاءُ، وإنْ كان لغيرِ عُذْرٍ، فعليهِ مع القَضاءِ إطْعَامُ مِسْكِينٍ لكلِّ يَوْمٍ. انتهى.

ولا تتكرر الكفارة إن أَخَّر القضاء لعدة رمضانات، قال ابن قدامة أيضا: فَإِنْ أَخَّرَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانَانِ، أَوْ أَكْثَرُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ فِدْيَةٍ مَعَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ التَّأْخِيرِ لَا يَزْدَادُ بِهَا الْوَاجِبُ، كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْحَجَّ الْوَاجِبَ سِنِينَ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ. انتهى.

ولا نرى أن حرارة الجو، وطول النهار الطول المعتاد، عذر كافٍ لجواز تأخير القضاء، وإسقاط الكفارة، لإمكانية تحري فصول السنة التي يكون فيها الجو باردا، أو معتدلا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني