السؤال
قال النبي عليه الصلاة والسلام للرجل الذي خاصم أباه في دين له: "أنت ومالك لأبيك" فهل هذا يعني أن الابن يكون مملوكا للأب هو وماله؟
أفيدونا - يرحمكم الله -.
قال النبي عليه الصلاة والسلام للرجل الذي خاصم أباه في دين له: "أنت ومالك لأبيك" فهل هذا يعني أن الابن يكون مملوكا للأب هو وماله؟
أفيدونا - يرحمكم الله -.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الولد لا يكون مملوكا للأب بحال, فالأصل في الإنسان الحرية؛ كما قال صاحب الشرح الكبير: فإن الأصل في الآدميين الحرية، فإن الله تعالى خلق آدم وذريته أحرارا، وإنما الرق لعارض، فإذا لم يعلم العارض، فله حكم الأصل. اهـ
وقال صاحب فتح القدير: والحرية حق الله تعالى، فلا يقدر أحد على إبطاله إلا بحكم الشرع، فلا يجوز إبطال هذا الحق، ومن ذلك لا يجوز استرقاق الحر، ولو رضي بذلك. اهـ.
وأما المال فهو في الحقيقة ملك للولد, واللام في لأبيك لام الإباحة، وليست لام التمليك.
فهي تفيد جواز أخذ الأب من مال ابنه عند الحاجة, ولا تفيد أنه ملك له - كما قال العلماء - بدليل أن مال الولد يتصرف فيه, وعليه زكاته، ويورث عنه, فقد نقل الشوكاني وغيره عن العلماء أن اللام في الحديث، لام الإباحة لا لام التمليك، فإن مال الولد له، وزكاته عليه، وهو موروث عنه.
وقال الخطابي: قال له: أنت ومالك لأبيك, على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منك قدر الحاجة, وإذا لم يكن لك مال وكان لك كسب لزمك أن تكتسب وتنفق عليه, فأما أن يكون أراد به إباحة ماله له حتى يجتاحه ويأتي عليه إسرافا وتبذيرا فلا أعلم أحدا ذهب إليه, والله أعلم. اهـ
والله أعلم.