وجوب العمل بالقول الراجح، ومدى جواز الأخذ بالقول الأسهل

0 686

السؤال

مبديئا وقبل حديثي أوضح لكم أنني أحب الأخذ بالقول الراجح في أمور حياتي لكن ربما يرى الشخص راحته النفسية في الأخذ بالقول المرجوح أحيانا ولا أرى أي مانع من الأخذ بقول عالم معتبر موثوق فيه أو من العلماء ممن يشهد لهم بالعلم، بشرط أن يكون من أفتى بالقول المرجوح من أهل العلم يعتد به ويعتمد عليه وأن لا يكثر المستفتي من الأخذ بالمرجوح حتى لا تنقلب فوضى ويكون تابعا لهواه، أي من الممكن مثلا الأخذ في مسألتين أو ثلاث أو ماشابه ذلك حتى لا يترك الحبل على الغارب ـ كما يقال ـ ويكون تابعا لهواه في كل أموره مما يخرج عن حبل التكليف وإن كان ذلك في الأصل جائز عند كثير من الفقهاء والأصوليين، بشرط أن يكون هناك دليل ومرجع شرعي لذلك وليس من باب اتباع الهوى, والشهوات, وقصد التقاط الرخص وتتبعها، فأنا لأ أستطيع أن أضرب الحائط بقول من قال يجوز الأخذ بالرخص، هذا إذا أخذت بالقول المرجوح في بعض الأحيان، وأنتم تعلمون أنه يجوز الإنسان أن يأخذ في بعض الأحيان بالمرجوح لحاجة أو ضرورة، أو لغير حاجة أو ضرورة، وفقا للشروط التي أوردتها لكم وأنتم أعلم مني، وأتعجب من نشر أقوال للجمهور في أحد المواقع الإسلامية وقالوا إنها رخص فكيف ذلك؟ أولأ هذه هي الأقوال:1ـ أخذ بقول جمهور العلماء ـ إلا الحنابلة ـ في أن صلاة الجماعة سنة مؤكدة أو فرض كفاية, فأخذ يؤدي صلاة الفريضة منفردا في بيته دائما.2ـ أخذ بقول الحنفية أن صلاة الجمعة لا تجب إلا على أهل بلد يوجد فيها أمير وقاض, فكان في بلد لا يوجد فيها أمير, فلم يؤد صلاة الجمعة مع المسلمين, وقد يبلغون آلافا.3ـ أخذ بقول الجمهور أن صلاة العيدين سنة مؤكدة أو فرض كفاية, فلم يشهدها مع المسلمين.4ـ أخذ بقول الجمهور ـ إلا الحنفية ـ في عدم وجوب زكاة الحلي وعدم وجوب زكاة الفواكه والخضروات, فلم يؤد زكاة حلي امرأته, ولم يخرج زكاة الفواكه والخضروات.5ـ ثم رجع إلى الأخذ بقول الحنفية في عدم وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون, فلم يخرج زكاة الأموال غير النامية لأولاده الصغار.6ـ أخذ بقول الجمهور ـ إلا المالكية ـ في عدم وجوب زكاة الأنعام غير السائمة.7ـ أخذ بقول الحنفية والمالكية بسنية العمرة, فلم يؤدها كما يراه الشافعية والحنابلة.فهناك أقوال معتبرة تم نشرها، وفيها أقوال الجمهور... فالرخص التي أعرفها هي من تتبع أقوالا شاذة أو تتبع الرخص بغرض التقاطها مثل أن يأخذ بقول مذهب أو رواية من مذهب مخالف لكل المذاهب، بل مخالف لأغلب الأصوليين وأغلب العلماء الموثوق فيهم والمشهود لهم بالعلم، فإذا كانت له شهوة في أمر ما وجد عالما قد رخص له في هذا الأمر اتبعه، وتستطيعون الدخول على الرابط الآتي الخاص بالموقع www.almostaneer.com/show_articles.aspx?id=107، والأطلاع سريعا علي رقم: 9 ـ فقه التيسير... لا حرج أعرف أنه إذا أخذ شخص ببعض هذه الأقوال فهو لا يأثم لأنه أخذ بقول علماء من أهل الثقة وبالأخص قول الجمهور، كرقم: 4،3،1 وإذا كان عموما قول الجمهور ليس حجة. ثانيا: أريد توضيح شيء آخر: أعرف أن كثيرا من الفقهاء من المذاهب الأربعة، وكثير من الأصوليين أجازوا الأخذ بالرخص، فقد قرأت ذات مرة وليس في هذا الموقع: ذهب بعض المتأخرين إلى أنه يجوز تتبع الرخص، فكيف ببعض المتأخرين؟ ومن المعروف أنه قد أجازه كثير من الفقهاء والعلماء والأصوليين.ثالثا: العلماء انقسموا إلى قولين: القول الأول: أن الأفضل الأخذ بالعزيمة.القول الثاني: أن الأفضل الأخذ بالرخصة، ولا يوجد مرجح للثاني علي الآخر.القول الثالث: أنه لا تفضيل بين الرخصة والعزيمة، وذلك لأن سبب الرخصة وهو ـ العذر من أجل الحاجة والضرورة ـ لا ضابط له، فالأمر فيه نسبي يختلف من شخص لآخر، فالمعروف أنهم فريقان فريق قال الأخذ بالرخص أفضل، وفريق قال الأخذ بالعزيمة أفضل، فمن أين جاء الفريق الثالث؟ ومن هم؟ أم هم قوم رأيهم ضعيف لم يستند أحد إليه؟ والذي أستنبطه ـ والله أعلم ـ أنهم علقوا على من يأخذ بالرخص كثيرا في حال الضرورة أو الحاجة إذ أصبحت الرخصة هنا شيء طبيعي بسبب المشقة سواء مشقة حاجة، أرجوا توضيح القول الثالث جيدا للأهمية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعلى المسلم  الذي يمكنه النظر في الأدلة ومعرفة الراجح أن يتبع ما دل عليه الكتاب أو السنة؛ لقول الله تعالى: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون {الأعراف:3}.

وجاء في الإحكام في أصول الأحكام للآمدي: وأما أن العمل بالدليل الراجح واجب فيدل عليه ما نقل وعلم من إجماع الصحابة والسلف في الوقائع المختلفة على وجوب تقديم الراجح من الظنين، وذلك كتقديمهم خبر عائشة ـ رضي الله عنها ـ في التقاء الختانين على خبر أبي هريرة في قوله: إنما الماء من الماء ـ ومن فتش عن أحوالهم ونظر في وقائع اجتهاداتهم علم علما لا يشوبه ريب أنهم كانوا يوجبون العمل بالراجح من الظنين دون أضعفهما، إلى أن قال: ولأنه إذا كان أحد الدليلين راجحا، فالعقلاء يوجبون بعقولهم العمل بالراجح. انتهى.

أما العامي الذي لا قدرة له على فهم الأدلة والموازنة بينها ففرضه سؤال من يثق في علمه ودينه من العلماء، لقوله تعالى: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون {النحل:43}.

وقال الإمام ابن عبد البر: أما من قلد فيما ينزل به من أحكام شريعته عالما يتفق له على علمه فيصدر في ذلك عما يخبره فمعذور، لأنه قد أدى ما عليه وأدى ما لزمه فيما نزل به لجهله، ولا بد له من تقليد عالم فيما جهله لإجماع المسلمين أن المكفوف يقلد من يثق بخبره في القبلة، لأنه لا يقدر على أكثر من ذلك. اهـ.

وإذا أخذ العامي بالقول المرجوح الذي قال به بعض أهل العلم المعتبرين فلا إثم على العامي في تقليد من أفتاه به إذا كان محل ثقة عنده في العلم والورع.

وأما عن  تتبع الرخص: فهو مذموم إذا داوم عليه الإنسان بحيث يأخذ بالأسهل في كل مسألة.

وأما من أخذ بالأسهل في مسألة أو مسألتين أو نحو ذلك لحاجته لذلك فلا حرج عليه ـ إن شاء الله ـ قال الشيخ محمد بن إبراهيم: المسألة الخلافية إذا وقعت فيها الضرورة....جاز للمفتي أن يأخذ بالقول الآخر من أقوال أهل العلم الذي فيه الرخصة.  انتهى.

وممن رجح جواز الأخذ بالرخصة عند الحاجة السبكي فقال رحمه الله: يجوز التقليد للجاهل والأخذ بالرخصة من أقوال العلماء بعض الأوقات عند مسيس الحاجة من غير تتبع الرخص، ومن هذا الوجه يصح أن يقال الاختلاف رحمة، إذ الرخص رحمة. انتهى.

 والخلاصة أن العمل بالراجح واجب ولا يترك للمرجوح لمجرد ارتياح النفس له فحسب، وقد قال الشيخ سيدي عبد الله الشنقيطي في المراقي:

وقول من قلد عالما لقي    * الله سالما فغير مطلق.

ثم قال في الشرح: إنما يسلم إذا كان قول العالم راجحا، أو ضعيفا عمل به للضرورة مع حصول شروط العمل بالضعيف أو لترجيحه عند ذلك العالم إن كان من أهل الترجيح.

 وأما عن مناقشة ما في الموقع المذكور وما رأيته في غيره والأسئلة المتعلقة بذلك فننصح بمراجعة أهل الموقع فيه ليوضحوا لك مرادهم، وما كان عندك من مسائل علمية تشكل عليك فيمكن أن ترسلها لنا مسألة مسألة ولتكن كل واحدة في سؤال مستقل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة