السؤال
لدي سؤال طالما حيرني, فأنا أحلم دوما أن أشارك في نهضة هذه الأمة عن طريق تعلم علم دنيوي نافع, فتخصصي الإعلام الآلي, وهدفي أن تكون لي شركة كبيرة ذات سمعة عالمية؛ حتى أفند أقوال الغرب التي تزعم أن الإسلام لا يدعم العلم, وأن الفتاة المسلمة المحجبة جاهلة, لكن - كما تعلمون -الشركات تضم نساء ورجالا, وقد تكون النساء متبرجات؛ حتى لو كنت محجبة, فهل في ذلك حرج علي؟ لأن الكثيرين يفتون بحرمة عمل المرأة في عمل فيه اختلاط؟ وأن على المرأة أن تلزم بيتها وما إلى ذلك, فأود أن أعرف إن كان ما أسعى إليه مما يرضي الله سبحانه وتعالى, فغايتي هي الله خاصة, وأن أملك من المؤهلات ما يكفي.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك أولا على هذه الهمة العالية, والأهداف النبيلة التي ترمي إلى نصرة الإسلام, والدفاع عنه ضد أعدائه، والمرأة لها دورها في ذلك كما الرجل، قال تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم {التوبة:71} فعلى المرأة أن تساهم في ذلك بما لا يتعارض مع مقررات الشرع، فدين الله تعالى لا ينصر إلا بما أراد الله وشرع.
وفعلا لا يجوز للمرأة العمل في مكان فيه اختلاط محرم إلا لضرورة, كما بينا بالفتوى رقم: 132431.
ولمعرفة الفرق بين الاختلاط المحرم وغيره راجعي الفتوى رقم: 116673.
وأما كون قرار المرأة في بيتها أفضل فنعم، وهو الأصل, كما قال تعالى: وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا {الأحزاب:33}، ولكن هذا لا يعني أنها لا يجوز لها الخروج للعمل المنضبط بالضوابط الشرعية.
وإذا قدر لها العمل في مكان به بعض النساء المتبرجات: فعليها أن تقوم بما يلزم من النصح والتوجيه، فقد روى مسلم في صحيحه عن تميم الداري - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة", قلنا لمن؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وإذا كانت هذه النصيحة مزينة بالرفق وبالحكمة والموعظة الحسنة أثمرت هداية الخلق إلى الحق، وفي ذلك الأجر العظيم، ففي الصحيحين عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: .. لأن يهدي بك رجل واحد خير لك من حمر النعم.
وفي الختام نقول: إن وسائل خدمة الدين والدفاع عنه متعددة - والحمد لله - فعلى المسلم أن يبذل وسعه، وهو ليس مطالبا بما هو فوق وسعه، قال تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها {الطلاق:7}.
والله أعلم.