السؤال
عندما يخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن المتنمصة ملعونة، فهذا الأمر يجعل بيني وبين التعامل مع أي متنمصة حاجزا نفسيا شديدا، فإذا ذهبت لأشتري شيئا، ووجدت البائعة متنمصة، لا أشتري منها، وبالنسبة لقريباتي، وزميلاتي لا أستطيع أن أشرب، أو آكل شيئا تقدمه لي واحدة منهن، وأشعر أنه طالما أنها ملعونة فكل أمر تقوم به يصبح قد مسه سوء.
فما هو الرأي الصحيح في هذا الكلام؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذنوب التي يقع فيها المسلم ويكون متوعدا عليها باللعنة، كالنمص، وأكل الربا، وشرب الخمر، ليس بالضرورة أن تحل على صاحبها اللعنة، فقد يكون عنده من الأعمال الصالحة، أو موانع العقوبة الأخرى ما يرفع عنه أثر ذنبه؛ ولذلك لا يحكم على المسلم المعين بلعن أو عذاب.
قال الدكتور محمد إسماعيل المقدم في سلسلة دروسه في التفسير: الشخص المعين - وكلامنا الآن في حق المسلم العاصي الذي فعل شيئا من الكبائر التي تستوجب اللعنة - لا يلعن باسمه، فلا تقل للمرأة التي تنمصت: لعن الله فلانة بنت فلان باسمها، أو هذه ملعونة؛ لأنها متنمصة -مثلا- لكننا في مقام الزجر، وفي مقام الدعوة والخطابة نستعمل النصوص بعمومها فنقول: لعن الله تارك الصلاة، ولعن الله النامصة، ولعن الله المتبرجة، وأما نفس الشخص فلا يحكم عليه باللعن؛ لأنه لا بد له من توفر الأسباب والشروط وانتفاء الموانع، فالشخص المعين الذي ارتكب شيئا مما توعد عليه باللعن يمكن أن يكون مجتهدا في هذا، فهو قد فعل هذا لكنه غير متعمد، فقد اجتهد فأخطأ -مثلا- فيغفر له اجتهاده، وقد يكون ممن لم تبلغه الأدلة أو النصوص التي تحرم هذا الفعل، فيعذر بجهله، وقد يكون له إيمان عظيم وحسنات أوجبت له رحمة الله سبحانه وتعالى مع قبح الفعل الذي فعل ... اهـ.
وراجعي الفتويين: 47096، 140058.
وأما ما تفعله السائلة من الامتناع عن الشراء من المرأة المتنمصة، أو تناول شيء إذا قدمته لها امرأة متنمصة، فليس بلازم؛ فإن معاملة الكفار ـ فضلا عن عصاة المسلمين ـ في مثل هذه الأشياء لا حرج فيه. وقد يكون الأولى بها أن تجتهد في نصيحة هؤلاء النسوة، ودعوتهن بالحكمة والموعظة الحسنة؛ وراجعي الفتويين: 64529، 119062.
وهجر المرأة التي تقع في هذا الذنب لا بد فيه من مراعاة أمور سبق بيانها في الفتوى رقم: 18120.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 97417.
والله أعلم.