السؤال
ابنتي تريد أن تتزوج من أعجمي مسلم حديثا, وله طفل من مطلقته, وأنا أرفض ذلك لبعد المسافة, واختلاف الثقافة والعادات والتقاليد, وأخشى عليها الغربة, فهل علي إثم؟
ابنتي تريد أن تتزوج من أعجمي مسلم حديثا, وله طفل من مطلقته, وأنا أرفض ذلك لبعد المسافة, واختلاف الثقافة والعادات والتقاليد, وأخشى عليها الغربة, فهل علي إثم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا رغبت المرأة في الزواج من كفئها: فلا حق لوليها في منعها من التزوج به، وإذا منعها كان عاضلا لها, ويحق لها حينئذ رفع أمرها للقاضي الشرعي ليزوجها, أو يأمر وليها بتزويجها، وانظر الفتوى رقم: 79908.
وقد سبق أن بينا أن المعتبر في الكفاءة بين الزوجين هو الدين فقط على القول الراجح، إلا أن كثيرا من العلماء يعتبر الكفاءة في النسب, كما بيناه في الفتوى رقم: 2346.
فعلى القول باعتبار النسب في الكفاءة فمن حقك منع تزويج ابنتك من هذا الرجل، وهذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، قال الكاساني الحنفي - رحمه الله -: فما تعتبر فيه الكفاءة أشياء. منها النسب.
وقال النووي الشافعي - رحمه الله - عند ذكر الأمور المعتبرة في الكفاءة: الثالثة: النسب، فالعجمي ليس كفئا للعربية.
وقال ابن قدامة الحنبلي - رحمه الله -: والكفء ذو الدين والمنصب, فلا يكون الفاسق كفئا لعفيفة؛ ..... ولا يكون المولى والعجمي كفئا لعربية.
وأما القائلون باعتبار الدين وحده في الكفاءة - وهم المالكية - فإنهم لم يعتبروا الأب عاضلا إلا إذا منع ابنته من الزواج بكفئها إضرارا بها, أما إذا منعها لمسوغ فلا يعد عاضلا، جاء في التاج والإكليل لمختصر خليل: عن ابن عبد السلام: إن أبى ولي إنكاح وليته وأبدى وجها قبل, وإلا أمره السلطان بإنكاحها، فإن أبى زوجها عليه.
وعليه, فالظاهر لنا - والله أعلم - أن منعك ابنتك من زواج هذا الرجل للأسباب التي ذكرتها لا يدخل في العضل المنهي عنه, ولا يلحقك به إثم - إن شاء الله - فبين ذلك لابنتك, وذكرها بأنك حريص على مصلحتها, وأنه مع القول باعتبار الدين معيار الكفاءة, فإن اعتبار التقارب بين الزوجين في الأمور الأخرى - كالنسب, وغيره - أمر مطلوب كذلك, فهو أدعى لتقارب الطباع بين الزوجين, واستقامة الحال بينهما.
والله أعلم.