عمليات تحويل الجنس.. حقيقتها.. وحكمها

0 1927

السؤال

أنا شاب عمري 21 سنة، وعندما كنت صغيرا كنت أجلس مع صديقي وحدنا ونمارس أشياء كالمداعبة أو التقبيل وكنا لا نعرف غير ذلك وكبرت وأصبح ميولي للشباب أكثر، وكلما كبرت أصبحت أميل أن أكون أنثى، أحب أن يكون لي شعر طويل وجسد امرأة وألبس لباس امرأة، وحياتي كامرأة لولا جسدي، أنظف وأطبخ وأعمل أي شيء تعمله المرأة، وأحب من قلبي ومشاعري وتفكيري كامرأة، وخجلي كخجل المرأة لكن شكلي شكل شاب عادي مع أعضاء سليمة وأتمنى لو كانت لي أعضاء أنثى، أحب الاستقرار والزواج وأحب أن أنجب طفلا وهكذا، شاء الله أن ذهبت إلى طبيب نفسي عدة مرات فقال لي ليس هناك علاج ولكن يمكنني أن أفيدك أن تتأقلم مع وضعك أو إذا كانت رغبتك في عملية تحويل، مع العلم أنني أصلي وأخاف الله وأصوم وأدعو دائما، ودائما في حالة اكتئاب وتعب نفسي وضياع ورغبة في الانتحار أحيانا، إلا إذا كنت مع شاب أحبه فإنني أشعر براحة وسعادة فظيعة! أعيش حياتي الجنسية تقريبا 80% كأنثى، أشعر بالنشوة في المناطق نفسها التي تنتشي بها المرأة، وأحب أن آخذ دورها، فما هو الحكم بقيامي بعملية تحويل؟ مع العلم أنني مهدت للبعض من أهلي وتقريبا اقتنعوا لما رأوني فيه من عذاب نفسي وبكاء وآلام!؟ وهل سأقدر على أن أعيش حياة امرأة والاستمتاع كامرأة؟ وسأكون سعيدا ومرتاحا نفسيا؟ والفتوى الدينية هي أهم شيء عندي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن عمليات تحويل الجنس أو تصحيح الجنس هي في حقيقتها تغيير ظاهري للأعضاء لتصبح شبيهة بأعضاء الجنس الآخر، وليس فيها تغيير حقيقي بحيث يصبح الرجل أنثى فيحيض ويحمل، أو العكس، يقول الدكتور الطبيب محمد علي البار في بيان طبيعة هذه العمليات: بالنسبة للرجل كامل الرجولة من الناحية البيولوجية يقومون بجب القضيب والخصيتين، ويتم إيجاد فرج صناعي صغير ببقايا كيس الصفن، كما يتم أحيانا زرع أثداء صناعية وإعطاء هذا الشخص هرمونات الأنوثة بكميات كبيرة حتى ينعم الصوت، ويتغير توزيع الدهن في الجسم على هئية الأنثى, ورغم أن الشكل الخارجي لمثل هذا الشخص قد يخدع الإنسان فيظنه بالفعل أنثى إلا أن التركيب البيولوجي لا يزال ذكرا وإن كان ممسوخا تماما، وبالتالي لا يوجد مبيض ولا رحم ولايمكن أن تحيـض ـ أو يحيض ـ مثل هذا الشخص، كما أنه لا يمكن أن يحمل قطعا. أما بالنسبة للمرأة الكاملة الأنوثة من الناحية البيولوجية، فإن الأطباء يقومون بتغيير جنسها إلى مسخ جديد يشبه الرجل في شكله الخارجي حسب رغبتها النفسية ويقوم الطبيب باستئصال الرحم والمبيضين، ويقفل المهبل، ويصنع قضيبا اصطناعيا يمكن أن ينتصب بواسطة تيار كهربائي من بطارية مزروعة في الفخذ عند الحاجة، كما يقوم الأطباء باستئصال الثديين، وإعطاء هذه المرأة هرمونات الذكورة بكميات كبيرة تجعل الصوت أجشا ـ أقرب إلى صوت الرجال ـ كما أن شعر الشارب وشعر الذقن يمكن أن ينمو بصورة قريبة من الرجل، وتزداد العضلات قوة بتأثير هرمونات الذكورة وبتمرينات رياضية، وبذلك تتحول المرأة الكاملة الأنوثة إلى ما يشبه الرجل في ظاهره، ويستطيع هذا الشخص أن يجامع، ولكن بدون شك لا يمكن أن يقذف المني، إذ ليس له مني، كما أنه لا يمكن مطلقا أن يكون له ولد من صلبه. اهـ.

وهذه العلميات محرمة شرعا، لما فيها من تغيير لخلق الله، وانحراف عن الفطرة، ولا يرخص في هذه العمليات إلا لمن كانت حالته مشتبهة، كأن يكون الشخص في حقيقته أنثى لكن أعضاءه تشبه أعضاء الذكور، فتجرى له العملية ليعاد إلى حالته الطبيعية، وقد بينا ذلك بالتفصيل في فتاوى عدة، منها الفتاوى التالية أرقامها: 1771، 22659، 111956، 55744.  

فإن كانت أعضاؤك التناسلية الذكورية طبيعية لا اشتباه فيها فلا يحل لك الإقدام على عملية تحويل الجنس، وميلك النفسي إلى الجنس الآخر لا يبيح إجراء هذه العملية، وعليك أن تلجأ إلى الله أن يصرف عن قلبك هذا الميل، وأن تعالج هذا الميل بأنواع العلاج النفسي، وقد سئلت الجنة الدائمة للإفتاء عن حالة شبيهة بحالتك، فكان الجواب: قال الله تعالى: لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير {الشورى: 49ـ50} فعلى المسلم أن يرضى بخلق الله وتقديره، فإذا كانت حالتك -كما ذكرت- من أنك متحقق من رجولتك وأنك يمكن أن تأتي بدور الذكر بكفاءة تامة وإن كنت لم تمارس الحالة الجنسية بالفعل مع أي إنسان، فعليك أن تحتفظ بذكورتك وترضى بما اختاره الله لك من الميزة والفضل، وتحمده أن خلقك رجلا، فالرجل خير من المرأة، وأعلى منزلة، وأقدر على خدمة الدين والإنسانية من المرأة، كما دل على ذلك قوله تعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم {النساء:34} الآية. وما ذكره تعالى في قصة امرأة عمران من نذرها ما في بطنها لله محررا لخدمة دينه والقيام بشؤون بيت الله، إلى غير ذلك من النصوص، وفي شهادة واقع الحياة في البلاد التي لم تمسخ فطرتها دليل كوني عملي إلى جانب ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من الأدلة على تفضيل الرجال على النساء.

ثانيا: إذا ثبتت ذكورتك وتحققت فإجراؤك عملية لتتحول بها إلى أنثى ـ فيما تظن ـ تغيير لخلق الله وسخط منك على ما اختاره الله لك، على تقدير نجاح العملية وإفضائها إلى ما تريد من الأنوثة وهيهات هيهات أن يتم ذلك، فإن لكل من الذكورة والأنوثة أجهزتها الفطرية الخلقية التي لا يقدر على إنشائها وإكسابها خواصها إلا الله تعالى، وليست مجرد ذكر للرجل وفتحة فرج للمرأة، بل هناك للرجل جهاز متكامل متناسق ومترابط مركب من الخصيتين وغيرهما، ولكل من أجزائه وظيفة وخاصية من إحساس وإفراز خاص ونحوهما، وكذا المرأة لها رحم وتوابع تتناسق معها، ولكل خاصية من إحساس وإفراز خاص ونحوهما، وبين الجميع ترابط وتجاوب، وليس تقدير شيء من ذلك وإيجاده وتدبيره وتصريفه والإبقاء عليه إلى أحد من الخلق، بل ذلك إلى الله العليم الحكيم، العلي القدير، اللطيف الخبير، وإذن فالعملية التي تريد إجراءها ضرب من العبث، وسعي فيما لا جدوى وراءه، بل قد يكون فيه خطر إن لم يفض إلى القضاء على حياتك، فلا أقل من أن يذهب بما آتاك الله دون أن يكسبك ما تريد، ويبقى ملازما لك ما ذكرت من العقد النفسية التي أردت الخلاص منها بهذه العملية الفاشلة.

ثالثا: إن كانت ذكورتك غير محققة، وإنما تظن ظنا أنك رجل، لما تراه في بدنك من مظاهر الذكورة إلى جانب ما تجده في نفسك من أنك تحمل صفات أنثوية وتميل نحو الذكور عاطفيا وتنجذب إليهم جنسيا فتريث في أمرك، ولا تقدم على ما ذكرت من العملية، واعرض نفسك على أهل الخبرة من الدكاترة الأخصائيين، فإذا تحققوا أنك ذكر في مظهرك وأنثى في واقع أمرك فسلم نفسك إليهم ليكشفوا حقيقة أنوثتك بإجراء العملية، وليس ذلك تحويلا لك من ذكر إلى أنثى، فهذا ليس إليهم، وإنما هو إظهار لحقيقة أمرك، وإزالة لما كان ببدنك وكوامن نفسك من لبس وغموض، وإن لم يتبين لأهل الخبرة شيء فلا تغامر بإجراء العملية، وارض بقضاء الله، واصبر على ما أصابك إرضاء لربك، واتقاء لما يخشى من عواقب عملية على غير هدى وبصيرة بحقيقة حالك، وافزع إلى الله واضرع إليه ليكشف ما بك، ويحل عقدك النفسية فإنه سبحانه بيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة