السؤال
مشكلتي تكمن في أن زوجي لا يكترث لدخول أخيه أو ابن أخيه، أو حتى زوار اليهود إلى البيت وأنا مكشوفة الرأس، لا أملك أمر مسكني فنحن من فلسطين المحتلة، وبحكم الوضع نعيش مع اليهود، أليس لي الحق في التخفيف من الملابس في بيتي؟ كما أنني أريد النقاب ويمنعني منه بقوة، فأحيانا يتفهم منهجي وأحيانا يجد صعوبة في ذلك، خاصة في المسائل العقائدية التي لا مجال للتساهل فيها، فمثلا هو يريد أن يعلم الأولاد أن اليهود والنصارى مؤمنون وأنه علينا مشاركتهم وتهنئتهم بأعيادهم، ويعاتبني بشدة أو يصبح عنيفا إذا سمعني أعلمهم أنهم كفار ويشركون بالله، ويصفني بالعنصرية وأنني سأصعب الحياة على الأولاد، أحاول تعليمهم البر بأهل الكتاب مع توضيح ما يجب أن يفهموه على أنه كفر، مثل أن نقول: إن الله ثالث ثلاثة ـ أو ما شابه ذلك، وهو مقصر في صلاته، إذ يصليها كلها في آخر الليل وفي المنزل، ويريدني اجتماعية مع ضيوفه حتى لو كانوا رجالا عربا أو يهودا، ولا يرى في ذلك أي خطأ، ولا يجد مشكلة في الجلوس مع من يشرب الخمر أو مع من يمزح في أمور الدين ويستهزئ بأركانه وشيوخه ورموزه في نكت تافهة وكأنه أمر طبيعي، فكيف أتصرف في مثل هذا؟ هذا متعب، بالله عليكم ساعدوني، فأنا في أشد الخوف على تربية أطفالي تربية إسلامية صحيحة خاصة في مثل بلدي التي يتأثر كثير من أهلها باليهود والنصارى والدروز، وبارك الله فيكم وعليكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على الالتزام بأوامر الشرع ولبس الحجاب، وحرصك على تربية أبنائك التربية الإسلامية السليمة، فنسأل الله عز وجل أن يحقق لك ذلك، وأن يلهم زوجك رشده، ويرده إلى صوابه، وإن كان ما ذكرت عن زوجك صحيحا، فقد أتى جملة من المنكرات العظيمة، والتي منها ما قد يؤدي إلى الكفر، ومن ذلك:
أولا: اعتباره اليهود والنصارى مؤمنين، وهو بذلك يخالف نصوص كتاب الله تعالى، ويمكن الاطلاع عليها في الفتوى رقم: 180943.
وأما تهنئتهم بدينهم: فلا تجوز، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 105164.
وقد رخص الشرع في برهم والإحسان إليهم، ولكن ذلك في حق من كان مسالما للمسلمين لا من كان محاربا لهم، وانظري الفتوى رقم: 3681.
ثانيا: مجالسة من يشرب الخمر ويستهزيء بالدين، ومن يستهزئ بالشيوخ، وأمثال هؤلاء لا تجوز مجالستهم، ولكن لا تعتبر بمجردها كفرا، وراجعي الفتوى رقم: 192715.
واعلمي أن من استهزأ بالشيوخ لأجل دينهم، فإنه مستهزئ بالدين، وهذا كفر بالله تعالى، ولا يجوز، ولو كان على سبيل المزاح، وانظري الفتويين رقم: 2093، ورقم: 6069.
ثالثا: تفريطه في الصلاة وإخراجها عن وقتها لغير عذر شرعي، وهذه كبيرة من كبائر الذنوب، كما هو مبين في الفتوى رقم: 17417.
رابعا: عدم الاكتراث بدخول الأجانب عليك ولو كنت مكشوفة الرأس، وهذا نوع من الدياثة لا يجوز، وراجعي فيها الفتوى رقم: 56653.
فلا يجوز لك طاعة زوجك في السماح لأجنبي بالدخول عليك على وجه يخالف الشرع، ولا يجوز لك أيضا طاعته في أمر تغطية الوجه، فإن تغطيته واجبة على الراجح من أقوال الفقهاء، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 4470.
ومن حكمة الشرع أنه قد جعل للزوجة الحق في مسكن مستقل حتى تعيش فيه من غير حرج يلحقها فيه، وتستطيع أن تمارس فيه خصوصيات حياتها، فلا يجوز للزوج أن يدخل على زوجته أو يسمح بدخول أجنبي عليها في حال يمكنه أن يرى منها ما لا يجوز له رؤيته ولو كان هذا القريب أخاه أو غيره، فأخوه وأبناء أخيه كلهم أجانب عن المرأة، كما بينا في الفتويين رقم: 1067، ورقم: 3819.
فوصيتنا لك مناصحة زوجك في ضوء ما ذكرنا، فإن تاب إلى الله وأناب ورجع إلى صوابه فذاك، وإلا فلا خير لك في البقاء في عصمته، فاطلبي منه الطلاق ولو في مقابل عوض تدفعينه إليه، وفي حال حصول الطلاق فحضانة الأولاد حق لك ما لم تتزوجي، فتنتقل حضانتهم إلى من هي أولى بهم من الإناث، على الترتيب الذي ذكره الفقهاء، وراجعيه في الفتوى رقم: 6256.
وأما أبوهم: فلا حق له في حضانتهم ما دام على هذا الحال، لأن من شرط الحاضن العدالة، فلا حضانة لفاسق على الراجح من أقوال الفقهاء، وراجعي الفتوى رقم: 197181.
والله أعلم.