الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يحرم ظهور المرأة أمام إخوان زوجها بغير حجاب شرعي

السؤال

نشكركم على تعاونكم، وإجابتكم عن استفساراتنا، وأود أن أسألكم عن موضوع سبّب لي الكثير من المشاكل، وهو أنني أعيش مع زوجي في بيت أهله، وأنا مرتاحة معهم، ولكن المشكلة ليست في زوجي، بل في زوجة أخيه، فهي تبالغ في إظهار حبّها لزوجها؛ لدرجة أنها ترتمي في أحضانه عندما يعود من العمل، وذلك أمام زوجي، وترقّق صوتها عندما يكون زوجها جالسًا، وتضحك، وتقهقه أمام زوجي، وهو يريدني أن أكون مثلها، مع أنني عاطفية معه عندما نكون وحدنا، ولا أحبّ أن أظهِر الحبّ، والحنان كثيرًا؛ لأن ذلك حرام أمام إخوان زوجي، وأعطيه كل الحبّ، والحنان عندما يغلق الباب علينا، ليس لأنه واجب عليّ، ولكن طبيعتي وشخصيتي هكذا، ولا أحبّ أن أكون جافة، وأفهمته أن ما تفعله زوجة أخيه خطأ، ومبالغ فيه، ولا يجوز ذلك أمام غير المحارم، ولكن دون جدوى، وهو يظن أنها على صواب، وأني مخطئة، أو مقصّرة في حقه من هذه الناحية.
ومشكلتي تتلخص في أن زوجي يشتهي تلك المعاملة أمام عائلته، وإخوانه، ومن يعلم عندما أعامله بتلك المعاملة مَن مِن إخوانه يشتهيها، وأوضحت له أننا لو عشنا مستقلين، فسوف يظهر الحب، والعطف، والدفء، والعشق في كل ركن من أركان البيت، ولكني حاليًّا لا أستطيع؛ لأنني تربيت مستورة من عائلة ملتزمة، فأرجو أن تفيدوني بهذا الموضوع، وأودّ إعلامكم أنني سوف أطّلع زوجي على ردكم، لو كان مخطئًا، وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أصبت، وأحسنت فيما أنت عليه من العفة، والستر، والصيانة، فجزاكِ الله خيرًا، وثبّتكِ على الحق.

وظهور المرأة بزينتها أمام إخوان الزوج، أو خضوعها بالقول، وترقيقها للصوت، أو معانقتها لزوجها أمامهم، كل ذلك من أعظم المنكرات، التي تورث مرض القلب، ووجود الغيرة، والحسد، وتعلق الرجل بغير ما أحل الله له، وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك تحذيرًا بليغًا، فقال: إياكم والدخول على النساء، قيل: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت". متفق عليه. والحمو هو أخو الزوج، أو قريبه، كابن العم، ونحوه.
قال ابن الأعرابي: هي كلمة تقولها العرب مثلًا، كما تقول: الأسد الموت، أي: لقاؤه فيه الموت، والمعنى: احذروه كما تحذرون الموت. وقال النووي -رحمه الله-: وإنما المراد أن الخلوة بقريب الزوج، أكثر من الخلوة بغيره، والشر يتوقع منه أكثر من غيره، والفتنة به أمكن؛ لتمكنه من الوصول إلى المرأة، والخلوة بها من غير نكير عليه، بخلاف الأجنبي. انتهى.

وقد جاءت الشريعة بسد الذرائع المفضية إلى الحرام، فأمرت بغض البصر، ولزوم الحجاب مع غير المحارم، وغير ذلك؛ صيانة للمرأة، ومحافظة على الأسرة، ووقاية من الفتنة.

وظهور المرأة -على الصفة التي ذكرت- أمام أقارب زوجها، يفضي إلى الفتنة بها، ولا شك، وقد يسبب نفور الرجل من أهله، وإعراضه عنهم؛ لما يزينه الشيطان له في رؤية الحرام.

وكلما قوي إيمان الرجل، قويت غيرته على المحارم، فلا يرضى أن ترى زوجته في منظر سافر، أو هيئة مثيرة.

وعليه؛ فنوصيك بتقوى الله عز وجل، ولزوم الحجاب أمام غير المحارم، وتجنب الخضوع بالقول، والثبات على ذلك، ولو كره الزوج، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني