السؤال
هل تجب الموالاة بين الشهادتين عند النطق بهما لمن يريد الدخول في الإسلام؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالموالاة بين الشهادتين بالنسبة لمن أراد الدخول في الإسلام، مختلف فيها بين أهل العلم: فمنهم من يراها شرطا، فلا يصح عنده إسلام من لم يأت بالجملة الثانية فورا، ففي شرح عمدة الرابح في معرفة الطريق الواضح (شرح هدية الناصح) لشمس الدين محمد بن أحمد الأنصاري الشافعي: وخامسها: الترتيب بين الشهادتين: بأنه يؤمن بالله ثم برسوله، ولو آمن بنبينا صلى الله عليه وسلم قبل الإيمان بالله تعالى، لم يصح إيمانه، وتشترط الموالاة بينهما، خلافا للحليمي. انتهى.
ومن أهل العلم من خالف في هذا، فلم ير الموالاة شرطا، فيصح عندهم إسلام من تراخي في النطق بالجملة الثانية، جاء في مغني المحتاج للشربيني: وقال الحليمي: إن الموالاة بينهما لا تشترط, فلو تأخر الإيمان بالرسالة عن الإيمان بالله تعالى مدة طويلة، صح, قال: وهذا بخلاف القبول في البيع والنكاح؛ لأن حق المدعو إلى دين الحق أن يدوم، ولا يختص بوقت دون وقت, فكأن العمر كله بمنزلة المجلس. اهـ.
وجاء في مطالب أولي النهى للرحيباني في الفقه الحنبلي: موالاة فيهما) أي: الشهادتين, بل لو أتى بأحدهما ثم سكت, أو تكلم بما يقطع الموالاة؛ ثبت إسلامه، وهو متجه. اهـ.
وجاء في كتاب المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية -صلى الله عليه وسلم- من صحيح الإمام البخاري لمحمد بن عمر بن أحمد السفيري الشافعي: وأما الموالاة بين الشهادتين، فلا تشترط، كما ذكره الحليمي، وغيره، فلو قال كافر أول النهار: لا إله إلا الله، ثم قال آخره: محمد رسول الله، حكم بإسلامه. انتهى.
والقول بعدم اشتراط الموالاة هو الأظهر لنا؛ وذلك لأن الآتي بالشهادتين، ولو لم يوال بينهما، يصدق عليه أنه شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهذا هو الشرط قطعا للإتيان بهذا الركن، فيبقى اشتراط الموالاة لصحة هذا الركن محتاجا إلى دليل.
والله أعلم.