السؤال
ما حكم ولد، يلجأ أهله في البيت للسحر، وهو غير راض؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن في السؤال ما ليس واضحا، ولكن اللجوء الى السحرة والتعامل معهم، محرم تحريما شديدا، فقد زجر عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ليس منا من سحر، أو سحر له. رواه الطبراني، وصححه الألباني.
وقد قال ابن مسعود: من أتى ساحرا، أو كاهنا، أو عرافا، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه البيهقي.
وقد تكلم أهل العلم في تكفير من أتى السحرة وطلب منهم عمل السحر، فذكروا أن من اعتقد أن الساحر يعلم الغيب، فهذا الاعتقاد كفر أكبر، ومثل ذلك طاعتهم فيما يأمرون به من التقرب للجان بالذبح أو غيره.
وأما من كان لا يعتقد اطلاعهم على الغيب، فقد اختلف فيه؛ كما قدمنا في الفتوى رقم: 14231.
وإذا كان في بيت هذا الولد من يتعامل مع السحرة وهو غير راض بفعله، فلا مؤاخذة عليه في ذلك ما دام كارها لهذا الذنب، ولكن عليه السعي في منعه من هذا الفعل، ونهيه عنه المنكر بحسب استطاعته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.
قال العظيم آبادي في (عون المعبود): أي في المشاركة في الإثم وإن بعدت المسافة بينهما. اهـ.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع. رواه مسلم.
قال السيوطي في (الديباج): أي هو المؤاخذ المعاقب. اهـ.
وقال ابن عبد البر في (التمهيد): من ضعف لزمه التغيير بقلبه، فإن لم يغير بقلبه فقد رضي وتابع. اهـ.
وقال ابن رجب في (جامع العلوم والحكم): لأن الرضا بالخطايا من أقبح المحرمات، ويفوت به إنكار الخطيئة بالقلب، وهو فرض على كل مسلم، لا يسقط عن أحد في حال من الأحوال. اهـ.
والله أعلم.