السؤال
فضيلة الشيخ: في الفناء الخارجي للجامعة يوجد زرع جديد، ويسقى هذا الزرع عن طريق حنفيات تخرج من تحت الأرض، وبينما كنت أمشي أتاني شيء من ماء السقي، ولا أعلم هل هو طاهر أم نجس، علما بأني شممت رائحة كريهة، وواضحة من بعيد، ولا أعلم هل هي من الزرع الجديد أو من الماء؟ وكان أمامي شخص يمشي، ويقول لصاحبه: ابتعد عن الماء لأنه ماء مجاري، وسأله صاحبه: وما أدراك ؟ فأجاب: لو سألت أي شخص عن ماء السقي سيقول: إنها مياه مجاري. فهذا الشخص لم يتيقن من هذا الماء هل هو نجس أم طاهر، لكني وجدت عاملا من حق الزرع يغسل يده بالماء، أو يتوضأ للصلاة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كنت تسأل عن حكم ذلك الماء هل هو طاهر أم نجس، فاعلم أن الأصل في المياه الطهارة لا النجاسة، وقد نص الفقهاء على هذه القاعدة.
قال الشيخ السعدي في منظومة القواعد: والأصل في مياهنا الطهارة والأرض، والثياب، والحجارة
فمن شك في الماء هل هو نجس أم طاهر، فإنه يحكم بطهارة الماء بناء على الأصل. ومن القواعد المشهورة المقررة عند الفقهاء " اليقين لا يزول بالشك " , بل لو غلب على الظن أن الماء نجس من غير يقين، فإنه يحكم بطهارته عند كثير من الفقهاء بناء على الأصل، ويقدمون الأصل على غلبة الظن كما بيناه في الفتوى رقم: 145789 عن كيفية الترجيح عند التعارض بين الأصل وغلبة الظن .
إذا تبين لك هذا، فإذا لم تتيقن بنجاسة ذلك الماء، فهو طاهر, وقول ذلك الرجل إنك لو سألت أي أحد لأخبرك أنه ماء مجاري. هذا الادعاء يكذبه فعل الرجل الآخر القائم على الزرع الذي رأيته يتوضأ بالماء, فتوضؤه به، وغسل يديه بذلك الماء، شهادة منه أنه ماء طهور , بل شهادته هذه تقدم على شهاة من قال إنه نجس؛ لأن هذا العامل ألصق بذلك الماء، وأدرى به؛ لكونه يسقي به الزرع .
والرائحة التي شممتها، ما دمت لا تدري هل هي من ماء الزرع أم شيء آخر، لا تؤثر في الحكم, والخلاصة أن الماء طاهر ما لم يقم دليل على نجاسته.
والله أعلم.