السؤال
أريد الاسستفسار عن مشكلة كانت قد حدثت لي، وما زلت لا أعرف لها أجوبة، فأرجو منكم أن تفيدوني بفتوى مقنعة وترضيني وترضي الله: منذ ثلاث أو أربع سنوات كان شخص من أقاربنا يتعامل مع الجن والسحرة ويشعل المشاكل بيننا في الأسرة ويضر أبي ويفعل أشياء كثيرة من السحر ـ والعياذ بالله ـ ومنذ سنة تجرأ أن يفرق بين أمي وأبي عن طريق السحر والشعوذة، وهو غير مدرك للذي فعله، وهو الآن لا يدرك ماذا يفعل، وكان يعطي أبي أشياء عندما يذهب إليهم ليشربها مما جعل أبي يفعل أشياء لا يدركها ـ والعياذ بالله ـ أريد أن أعرف ما هو عقاب هذا المجرم في الدنيا والآخرة؟ وهل طلاق أبي لأمي عن طريق السحر واقع أم لا؟ وكيف نتحصن من هذه الأشياء التي ما زال يفعلها؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعامل مع السحرة محرم تحريما شديدا، فقد زجر عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ليس منا من سحر أو سحر له. رواه الطبراني، وصححه الألباني.
وقد قال ابن سعود: من أتى ساحرا أو كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه البيهقي.
وقد جاء برواية مرفوعة بدون ذكر الساحر.
وأشد من ذلك خطرا أن يمارس الإنسان عمل السحر، قال الإمام النووي رحمه الله: عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده الرسول صلى الله عليه وسلم من الموبقات السبع، ومن السحر ما يكون كفرا، ومنه ما لا يكون كفرا، بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو كفر، وإلا فلا. اهـ.
وأما سعي هذا الرجل في التفريق بين الزوجين، فهو من الذنوب الكبيرة، فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده. رواه الإمام أحمد وأبو داود، وصححه السيوطي.
والتفريق بين الزوجين من أخطر الأعمال، فلذلك نجده أهم الأعمال عند إبليس، ففي صحيح مسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت، فيلتزمه.
وليس في التفريق بين الزوجين ولا في طلب السحر عقوبة محددة في الدنيا، ولكن السلطان أو نائبه يمكن أن يعزر من فعل ذلك بحسب اجتهاده، قال الإمام السبكي في الأشباه والنظائر: قاعدة: من أتى معصية لا حد فيها ولا كفارة عزر، كذا قال صاحب التنبيه وتبعه الرافعي والنووي وغيرهما. انتهى.
وفي شرح الخرشي على مختصر خليل المالكي: والمعنى أن الإمام يعزر لمعصية الله تعالى كالأكل في رمضان لغير عذر، أو لحق آدمي كشتم آخر، أو ضربه، أو أذاه بوجه، والتعازير يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام باعتبار القائل، والمقول له، والمقول. انتهى.
وأما عن طلاق الوالد للأم: فإذا كان طلاقه لها في حالة لا يعي فيها ما يقول وهو تحت تأثير السحر، فلا يقع الطلاق الذي صدر في هذه الحالة، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وقال الشيخ: إذا بلغ به السحر إلى أن لا يعلم ما يقول لم يقع به الطلاق ـ لأنه لا قصد له إذن. اهـ.
وللفائدة انظر الفتويين رقم: 11577، ورقم: 93000.
وأما عن التحصن من هذه الأشياء: فراجع فيه الفتاوى التالية أرقامها: 57129، 69805، 96017.
والله أعلم.