السؤال
أنا فتاة أحاول ـ قدر استطاعتي ـ أن لا أصافح الرجال، وهناك من أستطيع إخبارهم بذلك وأمتنع عن مصافحتهم، وهناك من أحرج إن لم أصافحهم بسبب كبر سنهم، أو وجود صلة قرابة، أو لعدم معرفتي بهم بشكل يسمح لي أن أخبرهم بذلك، حدث وأن مد زميل يده لمصافحتي ولكنني امتنعت وأخبرته أنني لا أصافح الرجال، وعندما سألني أقسمت بالله أنني لا أصافح الرجال، وكنت أقصد القسم وأعنيه، ولكنني تذكرت بعدها هذه الحالات الاستثنائية السالف ذكرها، فهل يعتبر هذا من اليمين الغموس أو يوجب كفارة؟ علما بأنني لم أقصد الكذب وكنت أشعر بصدق ما أقول.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائلة على محاولتها تجنب هذه العادة السيئة المحرمة. وعليها أن تمضي في ذلك ولا تتردد أو تجامل أو تسترضي الناس بما يخالف شرع الله، فقد روى ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أسخط الناس برضى الله كفاه الله مؤونة الناس، ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله وأرضى عنه الناس، وكانت العاقبة له.
وأما القسم المذكور: فالظاهر من معطيات السؤال أنه ليس يمين غموس، لأنك كنت ناسية للحالات الاستثائية التي صافحت فيها، ولم تتعمدي الحلف على الكذب، كما جاء في قولك: ولكنني تذكرت بعدها هذه الحالات الاستثنائية، ولم أقصد الكذب وكنت أشعر بصدق ما أقول ـ فهذا من لغو اليمين الذي لا كفارة فيه، كما قال ابن قدامة في المغني: وفي الجملة: لا كفارة في يمين على ماض، لأنها تنقسم ثلاثة أقسام: ما هو صادق فيه، فلا كفارة فيه إجماعا، وما تعمد الكذب فيه، فهو يمين الغموس لا كفارة فيها، لأنها أعظم من أن تكون فيها كفارة، وما يظنه حقا، فيتبين بخلافه، فلا كفارة فيه، لأنه من لغو اليمين. اهـ
وقد بينا في الفتوى رقم: 107296، أنه لا كفارة على من حلف على أمر يظنه حقا فتبين خلافه.
كما قد بينا في الفتويين رقم: 11096، ورقم: 110773، أن اليمين الغموس عند العلماء هي: اليمين التي يحلفها على أمر ما كاذبا عالما.
وهذا التفصيل كله في حالة ما إذا كنت تقصدين أنك لم تصافحي رجلا في الماضي، أما إن كنت تقصدين أنك لن تصافحي الرجال حالا أو مستفبلا: فهنا تكون اليمين منعقدة، فتحنثين بمصافحة أي رجل ما لم تكن لك نية تخصصين بها بعض الرجال لكبره، أو لأي اعتبارآخر، فلا تحنثين بمصافحة هذ النوع الذي أخرجته من العموم بنيتك.
والله أعلم.