السؤال
صديقي أخذ قرضا ربويا حتى يدفع رسوم تسجيل في الجامعة وقال لي إنه تعب كثيرا في البحث عمن يقرضه, وأقام الليل ودعا الله عز وجل أكثر من مرة دون فائدة؟ فهل يعتبر عذره من الضرورات التي تبيح المحظورات؟.
صديقي أخذ قرضا ربويا حتى يدفع رسوم تسجيل في الجامعة وقال لي إنه تعب كثيرا في البحث عمن يقرضه, وأقام الليل ودعا الله عز وجل أكثر من مرة دون فائدة؟ فهل يعتبر عذره من الضرورات التي تبيح المحظورات؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الربا من كبائر الذنوب الموبقات, وهو موجب لحرب الله جل وعز للمتعامل به، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون {البقرة:279ـ 278}.
والمتعامل بالربا ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء.
ودفع رسوم الجامعة ليس مما يبيح للمرء الاقتراض بالربا، فإن الدراسة ليست بضرورة في ميزان الشرع، فإن الضرورة هي: أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس، أو بالعضو ـ أي عضو من أعضاء النفس ـ أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعا للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. اهـ من كتاب نظرية الضرورة الشرعية.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 1420.
ثم إنه لا يليق بمسلم أن يقول: وأقام الليل ودعا الله عز وجل أكثر من مرة دون فائدة ـ ففيه سوء أدب مع الكريم الوهاب سبحانه، فإن الله عز وجل يمينه ملأى، لا يغيضها شيء، والله يحب سؤال السائلين، ولا يخيب من دعاه، ومن حيل بينه وبين إجابة دعائه فليتفقد حاله، فرب ذنب أغلق عن صاحبه أبواب الإجابة، ثم إن استجابة الدعاء لا تعني إعطاء الداعي عين ما سأل، أو أن يجاب في الوقت الذي عينه في دعائه، بل استجابة الدعاء تكون بإحدى ثلاث وردت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد وصححه الحاكم.
وعلى المسلم أن يكون حسن الظن بربه عز وجل، قال ابن القيم: ومن ظن به أنه إذا صدقه في الرغبة والرهبة، وتضرع إليه وسأله، واستعان به وتوكل عليه أنه يخيبه ولا يعطيه ما سأله، فقد ظن به ظن السوء، وظن به خلاف ما هو أهله. اهـ.
والله أعلم.