السؤال
أعمل بشركة دهانات، وهذه الشركة كانت تدخل البنزين في الدهانات، ولكن في الآونة الأخيرة حدثت أزمة كبيرة في الدولة في البنزين والسولار، وتوقف للسيارات؛ لعدم توفره في محطات الوقود. وما يأتي للشركة من بنزين فهو من أفراد يقومون بتهريبه من محطات الوقود، أو من شركات البترول. وعند مواجهتي لصاحب الشركة بهذا قال لي: إذا لم أعمل بالبنزين في الشركة فسيتم إغلاق الشركة، ولن نجد لقمة العيش.
فما حكم الإسلام في هذا؟ وهل القاعدة الشرعية التي تقول: درء المفاسد يقدم على جلب المنافع تطبق على هذه المشكلة؟
وجزاكم الله عني خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن الدولة منعت الشركة من استعمال البنزين في عملها؛ ولذا احتاج صاحبها لتلك الحيل كي يحصل على البنزين ليستمر عمل شركته. هكذا ذكر في السؤال.
وإذا كان كذلك، فتهريب البنزين مخالفة؛ لمنع الدولة من ذلك. يدخل ضمن تقييد ولي الأمر للمباح، وقد بينا سابقا أنه إن ترتب على ذلك التقييد درء مفسدة عامة ظاهرة، فيجب التزام ذلك ظاهرا وباطنا حتى ولو ترتب على التزام ذلك مفسدة خاصة عملا بالقاعدة الفقهية وهي: (يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام ) وهي كقاعدة: ( إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما) ذكرها السيوطي في الأشباه والنظائر.
والظاهر أن المنع من ذلك إنما هو لدفع مفسدة عامة، وصاحب الشركة يريد جلب منفعة خاصة، وإن كانت تلك المنفعة التي يريد جلبها قد تقتضي دفع مفسدة، وهي ما قد يلحقه من المشقة والجهد بسبب عدم استخدامه لتلك المادة.
فإن كان مضطرا كما يقول لاستعمال البنزين لكسب نفقة نفسه، أو من يعول بحيث لا يجد وسيلة أخرى للكسب، فلا بأس. لكن الضرورة تقدر بقدرها، فلا يتوسع في هذه المخالفة ولكن بقدر الحاجة والضرورة .
وللفائدة انظر الفتويين: 64343 ، 187815.
والله أعلم.