السؤال
ما مدى صحة هذه العبارة, ولماذا؟ (كان الله ولا شيء معه, وهوالآن على ما كان عليه)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن، إذ لم يقبلها بنو تميم. قالوا: قد قبلنا يا رسول الله . قالوا: جئناك نسألك عن هذا الأمر . قال: كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض.
وفي رواية: لم يكن شيء قبله. قال ابن حجر : وفي رواية غير البخاري : ولم يكن شيء معه.
وقال أيضا: تنبيه : وقع في بعض الكتب في هذا الحديث: كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان. وهي زيادة ليست في شيء من كتب الحديث، نبه على ذلك العلامة تقي الدين ابن تيمية ، وهو مسلم في قوله:" وهو الآن"... إلىآخره .
وأما لفظ "ولا شيء معه" فرواية الباب بلفظ ولا شيء غيره بمعناها. انتهى من فتح الباري.
ولا شك أن جملة وهو الآن على ما كان عليه لا تصح بحال، فقد خلق الله السموات والأرض وغيرهما، كما هو معلوم،وكيف يسوى بين أول الأمر - كما جاء في الحديث، وبين وقت النبي صلى الله عليه وسلم المعبر عنه بلفظ الآن ؟!
وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لم يتكلم على الحديث بتمامه، وإنما أنكر الجملة الأخيرة منه، وهي قوله وهو الآن على ما عليه كان خلافا لما توهمه عبارة ابن حجر.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ومن أعظم الأصول التي يعتمدها هؤلاء الاتحادية الملاحدة المدعون للتحقيق والعرفان ما يؤثرونه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان وهذه الزيادة وهي قوله: وهو الآن على ما عليه كان كذب مفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
اتفق أهل العلم بالحديث على أنه موضوع مختلق، وليس هو في شيء من دواوين الحديث لا كبارها ولا صغارها، ولا رواه أحد من أهل العلم بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا بإسناد مجهول، وإنما تكلم بهذه الكلمة بعض متأخري متكلمة الجهمية فتلقاها منهم هؤلاء الذين وصلوا إلى آخر التجهم وهو التعطيل والإلحاد.
ثم قال رحمه الله: وهذه الزيادة الإلحادية وهي قولهم: وهو الآن على ما عليه كان . قصد بها المتكلمة المتجهمة نفي الصفات التي وصف بها نفسه من استوائه على العرش ونزوله إلى السماء الدنيا وغير ذلك، وقالوا: كان في الأزل ليس مستويا على العرش، وهو الآن على ما عليه كان، فلا يكون على العرش. مجموع الفتاوى 2/272.
وقصد بها الاتحادية تأييد مذهبهم الإلحادي في أن الله هو عين الموجودات، ونفس الكائنات، وأنه ليس إلا هو، فليس معه شيء آخر لا أزلا ولا أبدا . تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا .
والله أعلم.