معنى حديث: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه

0 411

السؤال

سمعت التالي: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" هل هذا حديث؟ وما صحته؟
لأنه إن كان صحيحا فهذا يعني أننا سوف نفلس، ونصبح فقراء؛ لأننا نذنب ليل نهار.
وكيف نجمع بين هذا الحديث، وبين الآية: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون"
فأنا بعد كل ذنب أفعله أصلي ركعتي استغفار.
فهل سيحميني ذلك من حرمان الرزق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد سبق في الفتوى رقم: 64152 الكلام عن الحديث الذي ذكرت، ومعناه كما جاء في مرقاة المفاتيح للملا القاري: (وإن الرجل ليحرم الرزق): والمعنى: ليصير محروما من الرزق (بالذنب) أي: بسبب ارتكابه (يصيبه) أي: حال كونه يصيب الذنب ويكتسبه. قال المظهر: له معنيان أحدهما: أن يراد بالرزق ثواب الآخرة. وثانيهما: أن يراد به الرزق الدنيوي من المال والصحة، والعافية. وعلى هذا إشكال فإنا نرى الكفار، والفساق أكثر مالا، وصحة من الصلحاء. والجواب أن الحديث مخصوص بالمسلم يريد الله به أن يرفع درجته في الآخرة، فيعذبه بسبب ذنبه الذي يصيبه في الدنيا. قلت: وهذا أيضا من القضاء المعلق; لأن الآجال، والآمال، والأخلاق، والأرزاق كلها بتقديره وتيسيره.
وأما الآية فإنها نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- في العهد المكي، ومعناها كما في تفسير الطبري: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم"، أي: وأنت مقيم بين أظهرهم. وأنزلت هذه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مقيم بمكة. قال: ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم، فاستغفر من بها من المسلمين، فأنزل بعد خروجه عليه، حين استغفر أولئك بها: "وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون". قال: ثم خرج أولئك البقية من المسلمين من بينهم، فعذب الكفار".

وجاء في تفسير عبد الرزاق: يقول: ما كان الله معذبهم وهم لا يزال رجل منهم يتوب ويدخل في الإسلام.

فالاستغفار يجلب الخير للمستغفر، ويدفع عنه الشر؛ كما جاء في قوله تعالى: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا {نوح:10-12}.

ولا شك أن الذنب، والإعراض عن الله تعالى، لهما الأثر البالغ في ما يصيب العبد في هذه الحياة من الحرمان والضيق. كما قال الله تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير [الشورى:30]. وقال الله تعالى: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى [طـه:124].
وفي تفسير القرطبي: عن بعض السلف قوله: أربع من كن فيه كن له: الشكر، والإيمان، والدعاء، والاستغفار. وثلاث من كن فيه كن عليه: المنكر، والبغي، والنكث.

ولذلك فإنه لا تعارض بين الآية والحديث كما رأيت. ولتبشر بالخير ما دمت تتوب من الذنوب، وتستغفر الله تعالى، وتصلي. فلن يضيعك الله، أو يحرمك من فضله إن شاء الله تعالى. 
 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات