السؤال
لقد تعبت - ولا حول لي ولا قوة إلا بالله العظيم - فعمري 15سنة, وعندما علمت أن المني يوجب الغسل أصبحت إذا نزل مني مني وشككت أنه بشهوة أغتسل, وصرت أغتسل لأي شهوة - مهما كانت بسيطة - إذا خرج شيء بعدها حتى لو كان بفارق زمني ساعة مثلا, ووالله إن خروجي قد ندر, ولم أعد أصلي الصلاة في أول وقتها, وأشعر بقهر في قلبي, وأمي مقتنعة أنه لا غسل علي؛ لأنها لم تنزل مني بشهوة, فصرت أغتسل خفية, ولا أدري ماذا أفعل؟ علما أني - ولله الحمد - أحافظ على صلواتي, وأجتنب المحرمات, ولا أفعل العادة السرية, ولا أحبها, وأعتبرها فعلا شنيعا - أعوذ بالله - حتى إذا جاءني خيال من الممكن أن يحصل فيه إثارة أقطعه - ولله الحمد - وإن استرسلت قليلا أتعوذ بالله من الشيطان, ولا أفكر في الرجوع لمثل ذلك الخيال السخيف, ولكني أريد أن يحس أحد بمعاناتي, فأنا لا أستطيع الغسل في كل مكان, وأريد أن أعرف معنى أن "مني المرأة لا يفرك"؟ وهل هو مخاطي؟ وإذا لم تكن الشهوة قوية بأن كانت بسيطة ونزل مني شيء فهل علي الغسل؟ أنا لا أحب الخروج, ووالدتي الغالية لا تفهمني, فماذا أفعل؟ وما معنى مني المرأة رقيق - يعني يتقطع, بعكس اللزج الذي يتمطط -؟
عذرا على صراحتي, ولكنها خرجت من معاناة - جزاكم الله خيرا -.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخارج بشهوة قد يكون منيا، وقد يكون مذيا، ولكل واحد منهما خصائصه، وقد ذكر النووي - رحمه الله تعالى - في شرح مسلم خصائص مني المرأة بقوله: وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق, وقد يبيض لفضل قوتها, وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما, إحداهما: أن رائحته كرائحة مني الرجل, والثانية التلذذ بخروجه, وفتور شهوتها عقب خروجه. انتهى.
وأما خصائص المذي فقد ذكرها النووي أيضا في المجموع بقوله: وأما المذي فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة, ولا دفق, ولا يعقبه فتور, وربما لا يحس بخروجه, ويشترك الرجل والمرأة فيه, قال إمام الحرمين: وإذا هاجت المرأة خرج منها المذي, قال: وهو أغلب فيهن منه في الرجال. انتهى.
فإذا كان الخارج منك منيا، فالواجب عليك الغسل متى خرج منك، وإن تراخى ذلك عن وقت حصول الشهوة، فإن الغسل إنما يجب بخروج المني؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: الماء من الماء. أخرجه مسلم. ولأمره صلى الله عليه وسلم المرأة أن تغتسل إذا رأت الماء. متفق عليه.
وأما إذا كان الخارج منك مذيا فالواجب عليك الوضوء فقط، بعد تطهير المخرج, وغسل ما أصاب البدن والثياب منه.
وأما إذا شككت في الخارج هل هو مني أو مذي: فلا يجب عليك الغسل، بل أنت مخيرة في أن تعطي هذا الخارج حكم أحد المشكوك فيهما, وهذا مذهب الشافعية, قال النووي في المجموع: إذا خرج منه ما يشبه المني والمذي, واشتبه عليه, ففيه أربعة أوجه: ثم ذكر المشهور عند الشافعية فقال: والوجه الثالث أنه مخير بين التزام حكم المني أو المذي, وهذا هو المشهور في المذهب, وبه قال أكثر أصحابنا المتقدمين, وقطع به جمهور المصنفين, وصححه الروياني, والرافعي, وجماعة من فضلاء المتأخرين؛ لأنه إذا أتى بمقتضى أحدهما برئ منه يقينا, والأصل براءته من الآخر, ولا معارض لهذا الأصل. انتهى.
أما معنى قولهم مني المرأة لا يفرك، فقد بينه ابن قدامة - رحمه الله - في المغني بقوله: قال أحمد - رحمه الله -: إنما يفرك مني الرجل، أما مني المرأة فلا يفرك؛ لأن الذي للرجل ثخين، والذي للمرأة رقيق, والمعنى في هذا أن الفرك يراد للتخفيف, والرقيق لا يبقى له جسم بعد جفافه يزول بالفرك، فلا يفيد فيه شيئا. انتهى. وفي لسان العرب: الفرك: دلك الشيء حتى ينقلع قشره عن لبه كالجوز. انتهى.
وأما المقصود بأن ماء المرأة رقيق: فهو في مقابل ماء الرجل فإنه ثخين.
وأما اللزوجة فهي من خصائص المذي, كما مر من الكلام السابق للإمام النووي - رحمه الله تعالى -.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 161293، 110928، 98617.
والله أعلم.