السؤال
لدي مسألتان أريد فتوى لهما، سألت أحد الأصدقاء فقال لي أخي يستطيع أن يفتيك, فذهبت إليه وبالصدفة وجدت عنده ثلاثة أصدقاء وبعد السلام عرضت عليهم المسألتين، فأفتوني, وبعدها سألت صديقي أين درس أخوك؟ فقال في معهد شرعي معروف لا أريد ذكر اسمه, أما أصدقاؤه: فلا أعلم عن تحصيلهم العلمي، فهل أعتمد على الفتاوى التي أخذتها منهم دون النظر إلى تحصيلهم الفقهي طالما أفتوني في المسألتين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
المقلد إذا أراد أن يستفتي فله طريقان:
1ـ أن يعرف هو بنفسه أن هذا عالم عدل، بالقرائن، مثل جلوس المفتي للتدريس إذا كان من شرط الجالس أن يكون عالما، كما هو الحال في بعض الجوامع الكبيرة، والمدارس العلمية، أما إذا كان يسمح لكل أحد بالتدريس فلا عبرة بذلك.
2ـ أن يخبره خبير بأن هذا مفت، قال الفتوحي الحنبلي في شرح الكوكب المنير: وله ـ أي: للعامي ـ استفتاء من عرفه عالما عدلا... أو رآه، يعني أن للعامي أيضا: استفتاء من رآه منتصبا للإفتاء والتدريس معظما عند الناس، فإن كونه كذلك يدل على علمه, وأنه أهل للإفتاء, ولا يجوز الاستفتاء في ضد ذلك عند العلماء, وذكره الآمدي اتفاقا, وهذا بالنسبة إلى نفسه, وأما بالنسبة إلى الإخبار: فهو ما أشير إليه بقوله: ويكفيه قول عدل خبير عند ابن عقيل والموفق وأبي إسحاق الشيرازي وجمع، قال النووي: وهو محمول على من عنده معرفة يميز بها التلبيس من غيره، وعند الباقلاني: لا بد من عدلين. انتهى.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 195005.
وعليه؛ فليس لك الاعتماد على فتوى من ذكرت، إلا أن يكون من أرشدك إلى ذلك خبير بمن يصلح للفتيا، وهذا الكلام محله في من يفتي، أما من ينقل لك فتيا غيره، فلا يشترط فيه ما سبق، وراجع الفتويين رقم: 124093، 50204، وخلاصتهما: أن نقل الفتوى يكفي فيه التوثق من صحتها ونسبتها إلى صاحبها، ويصح ذلك بنقل عدل الرواية وهو المسلم المكلف السالم من الفسق وخوارم المروءة سواء كان ذكرا أو انثى.
وكون من أفتاك قد درس في معهد شرعي، فهذه المعاهد، والجامعات في الغالب تخرج ـ كما يقول الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله ـ مجتهدين بالقوة، لا بالفعل، بمعنى أنه يخرج متمكنا ـ أحيانا ـ من استخراج المسائل والفتاوى، من كتب أهل العلم، فإذا كان عدلا جاز اعتماده في نقل فتيا أو مذاهب العلماء.
والله أعلم.