الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبناء على ما ذكرته في سؤالك من أنك شريك لصاحبك ببدنك فقط بإدارة الشركة, ومتابعة الموظفين, والإشراف على المكائن, وغيرها, ورأس المال كله منه فالشركة جائزة؛ إذ يجوز أن يشترك بدن ومال، أو مالان وبدن، ويكون الربح بينهم على حسب الاتفاق، قال الخرقي ذاكرا أنواع الشركات الجائزة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما، تساوى المال أو اختلف فكل ذلك جائز. انتهى.
ولك الحق في المطالبة في نصيبك من الأرباح إن كان قد تحقق ربح كما ذكرت، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة ما يلي: يستحق الربح بالظهور، ويملك بالتنضيض أو التقويم، ولا يلزم إلا بالقسمة، وبالنسبة للمشروع الذي يدر إيرادا، أو غلة، فإنه يجوز أن توزع غلته، وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض - التصفية - يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب .انتهى.
وقال الخرقي: وليس للمضارب ربح حتى يستوفي رأس المال.
قال ابن قدامة في المغني: يعني أنه لا يستحق أخذ شيء من الربح حتى يسلم رأس المال إلى ربه، ومتى كان في المال خسران، وربح، جبرت الوضيعة من الربح، سواء كان الخسران والربح في مرة واحدة، أو الخسران في صفقة والربح في أخرى، أو أحدهما في سفرة والآخر في أخرى؛ لأن معنى الربح هو الفاضل عن رأس المال، وما لم يفضل فليس بربح, ولا نعلم في هذا خلافا.
والخسارة إن حصلت دون تعد أو تفريط من العامل تكون على صاحب المال في ماله, وعلى صاحب البدن في ضياع تعبه وجهده.
وأما المال الذي استدنته فإن أقرضته لصاحب الشركة فهو دين في ذمته، وعليه أن يؤديه إليك سواء ربحت الشركة أم لم تربح.
وأما إن استدنت المال ليضاف إلى رأس مال الشركة، فإنك لا تأخذ الربح إلا بعد إحراز رأس المال، وعليه، فقولك: هل أي مبلغ نتداينه إن كان منه أو مني يخصم من حصتي في الارباح؟ جوابه: أن المبالغ التي أضيفت إلى رأس المال - سواء استدانها رب المال، أو استدنتها أنت للمضاربة بإذنه - فإنها تحسب من رأس المال، ولا يظهر الربح إلا بعد إحراز رأس المال، فإن تم إحرازه وظهر ربح فيقسم وفق ما اتفق عليه في العقد، وليس لرب المال أن يقتطع من نصيبك من الربح شيء.
وأما مسألة حسم الخلافات في المستقبل لو حصلت فينبني ذلك على نوع الخلاف، وعلى كل فيرجع في الخلاف لحكم الشرع، ولتعلم أن الشركة عموما والمضاربة خصوصا من العقود الجائزة غير اللازمة، ومعنى أنها غير لازمة أنه لكل واحد من الطرفين فسخ العقد في أي وقت رضي الآخر أم أبى، وهذا مذهب جمهور أهل العلم، وذهب المالكية إلى أنه لا يحق للشريك فسخ الشركة إلا إذا تم العمل الذي تقبل، أو إلى أن ينض رأس مال الشركة أي يصير نقدا لا عروضا، مثل الأراضي، والعقارات، والسيارات، ونحو ذلك.
ودع الخوض في توقع الخلاف وما قد يكون في المستقبل حتى يقع، والاستشكالات التي ذكرتها يفهم منها أن المعاملة التي تعاقدتما عليها غير المضاربة؛ لأن العامل في المضاربة شريك في الربح فحسب إذا ظهر ربح، ورأس المال لرب المال، ولا يمكننا تتبع الإستشكالات دون تصور حقيقة المعاملة.
وعليه، فلو كان ما تم بينكما في العقد غير ما بيناه فيرجى إيضاحه، ومحل السؤال ينبغي أن يكون قبل الفعل والإقدام لا بعده، ولمزيد من الفائدة انظر الفتاوى: 66302/19603/ 120921.
والله أعلم.