السؤال
رجل تقدم لخطبة امرأة من ابنها وبموافقة الأم، وقال الزوج: أريدك على سنة الله ورسوله، فقال الابن: زوجتك إياها، ثم ذهبا إلى رجل ليشهد على زواجهما، وكان الأربعة معا، وأم الزوجة وأختها تعلمان، ولم تكونا حاضرتين، وبعد مضي أكثر من سنتين طلبت الزوجة الطلاق؛ لأن الزوج متهاون بالصلاة، ولا يقوم بالوجه المطلوب من النفقة، ولا يسكن معها؛ لأنه لا يعلم أحد بزواجه منها، ومن الممنوع في عرفهم الزواج من أجنبي، والمرأة عربية، فطلقها طلقة واحدة بناء على رغبتها، وحسب زعمها فإنها تريد أن تؤدبه ليعرف قيمة الزواج، مع العلم أنهما متحبان، فندم الزوج وظل يراسلها, وقال لها: "أرجعتك" وبعد 25يوما سافر الزوج إجازة قصيرة، فكلمته وقالت: "أرسل لي الطلاق في رسالة للجوال" فقال لها: لماذا؟ فقالت له: تلك لا تصح، فأرسلها بناء على أنها طلقة واحدة, وهددته بمضايقته أمام أخيه إن لم يرسلها, فأرسلها ولم يفكر، وبعد أن عاد أرجعها قبل انتهاء العدة، وهي تعيد عليه التزاماته معها, وخصوصا الصلاة، فهو يصلي ويترك، وبعد ثلاثة أشهر اتصلت به وطلبت منه أن يطلقها فغضب منها, وقال لها: في كل ساعة تطلبين الطلاق، وبدأت تعيب عليه إهماله وتقصيره، وتقارن بينها وبين الزوجة الأولى، فقال لها: ماذا تريدين؟ فقالت: أريد أن ترسل لي الطلاق، فقال: "أنت طالق" ولم يستوعب ما قاله, وصدم وقال: لا نية لي, ورميتها بناء على طلبك، والسؤال هو: هل الزواج صحيح؟ وهل وقع الطلاق وبانت منه بينونة كبرى؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج الشرعي له شروط وأركان لا يصح بدونها، ومنها الولي, والشهود، والجمهور على اشتراط حضور شاهدين لصحة النكاح، قال ابن قدامة - رحمه الله -: الفصل الثاني: أن النكاح لا ينعقد إلا بشاهدين، هذا المشهور عن أحمد، وروي ذلك عن عمر، وعلي، وهو قول ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، والحسن، والنخعي، وقتادة، والثوري، والأوزاعي, والشافعي، وأصحاب الرأي.
والظاهر من السؤال أن الزواج تم بغير إشهار، وهو مندوب عند الجمهور, وليس له وسيلة متعينة في الشرع، وإنما يحصل بأي وسيلة مشروعة، جاء في الموسوعة الفقهية: يرى جمهور الفقهاء أنه مندوب بأي شيء متعارف, كإطعام الطعام عليه, أو إحضار جمع من الناس زيادة على الشاهدين، أو بالضرب فيه بالدف حتى يشتهر ويعرف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أعلنوا النكاح. رواه ابن ماجه.
وعليه، فهذا الزواج إن تم بشاهد واحد من غير إشهار، فالطلاق فيه طلاق بائن لا يملك الزوج فيه الرجعة، قال الرحيباني: ... وفيما حكمنا به أنه كمتعة كالتزويج بلا ولي ولا شهود وجب على الزوج أن يطلق، فإن لم يطلق، فسخ الحاكم النكاح وفرق بينهما؛ لأنه نكاح مختلف فيه.
وقال المرداوي: ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه كالنكاح بلا ولي عند أصحابنا ... فائدتان:
أحداهما: حيث قلنا بالوقوع فيه، فإنه يكون طلاقا بائنا.
وعليه، فقد بانت المرأة من هذا الرجل بمجرد طلاقه الأول ولم يلحقها بعده طلاق، فيجوز له أن يتزوجها بعقد جديد مستوفي الأركان والشروط، وإن كان الأمر بخلاف ما فهمنا من سؤالك، كما لو كانا قد أشهدا شاهدين، أو حصل إشهار للنكاح، فنرجو التوضيح.
والله أعلم.