السؤال
هل سب الكنيسة بألفاظ قبيحة حرام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكنيسة لا حرمة لها، ولا يحرم سبها إن لم يؤد لرد النصارى بالمثل فيسبوا الإسلام، وهي لا تعتبر من بيوت الله المقدسة, وإنما هي من البيوت الشيطانية الإلحادية التي يشرك فيها بالله جل وعلا، وينسب له سبحانه فيها الصاحبة، والولد - تعالى الله عن ذلك - وقد ذكر أهل العلم أنه يحكم بالردة على من اعتقد أن ما يعمل فيها قربة وطاعة لله تعالى.
فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من اعتقد أن الكنائس بيوت الله، وأن الله يعبد فيها، أو أن ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة لرسوله، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم، وأن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر. اهـ.
وقال الشيخ مصطفى الرحيباني في مطالب أولي النهى: (قال الشيخ تقي الدين) من اعتقد أن الكنائس بيوت الله, أو أنه يعبد فيها, أو أن ما يفعل اليهود والنصارى عبادة لله، وطاعة له ولرسوله, أو أنه يحب ذلك, أو يرضاه فهو كافر; لأنه يتضمن اعتقاده صحة دينهم, وذلك كفر (أو أعانهم على فتحها); أي: الكنائس (وإقامة دينهم; و) اعتقد (أن ذلك قربة أو طاعة) فهو كافر لتضمنه اعتقاد صحة دينهم, وقال الشيخ في موضع آخر: من اعتقد أن زيارة أهل الذمة كنائسهم قربة إلى الله; فهو مرتد, وإن جهل أن ذلك محرم عرف ذلك, فإن أصر صار مرتدا; لتضمنه تكذيب قوله تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام". اهـ.
وأما إن خيف سبهم لدين الإسلام فلا يجوز أن تسب الكنيسة من باب سد الذرائع، فقد قال الله تعالى: ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون {الأنعام:108}.
قال القرطبي - رحمه الله تعالى - في كتابه الجامع لأحكام القرآن: قال العلماء: حكمها باق في هذه الأمة على كل حال، فمتى كان الكافر في منعة وخيف أن يسب الإسلام، أو النبي صلى الله عليه وسلم، أو الله عز وجل، فلا يحل لمسلم أن يسب صلبانهم، ولا دينهم، ولا كنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك؛ لأنه بمنزلة البعث على المعصية. انتهى.
والله أعلم.