السؤال
قرأت بأن غيبة الكافر محرمة، فهل القول بأنه قليل الأدب يعتبر غيبة تجب التوبة منها؟ وهل هي كبيرة كغيبة المسلم؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
قرأت بأن غيبة الكافر محرمة، فهل القول بأنه قليل الأدب يعتبر غيبة تجب التوبة منها؟ وهل هي كبيرة كغيبة المسلم؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أن الغيبة محرمة سواء كانت في حق المسلم، أو حق الكافر إذا كان ذميا، أما إذا كان محاربا، فتجوز بشرط ألا يقول المغتاب إلا حقا، وراجع الفتوى رقم: 23256.
ومن أهل العلم من أجاز غيبة الكافر كابن المنذر، وقد عقد البخاري ـ رحمه الله ـ باب: ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب ـ وفيه قوة، وراجع الفتوى رقم: 19944.
والأولى والأورع ترك ذلك، وعبارة: قليل الأدب ـ غيبة، لأنها وصف له بما يكره، وهو حد الغيبة، إلا إذا كان ظلمك بسوء أدبه عليك، فيجوز ذكره بذلك، كما في الفتوى رقم: 52131.
والغيبة كبيرة في حق المسلم، وراجع الفتوى رقم: 98340.
وأما الكافر: فهي أخف ـ بل من العلماء من أجازها ـ لأن إيذاء المسلم أشد حرمة من إيذاء الكافر، قال تعالى: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا {الأحزاب:58}.
قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: تنبيهات:
الأول: حرمة الغيبة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، لقوله تعالى: أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا {الحجرات: 12} وقوله عليه الصلاة والسلام: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ـ قال الترمذي: حديث حسن صحيح ومعنى بهته بالهاء المشددة: رميته بالبهتان، وهو الكذب.
الثاني: اختلفت العلماء في مرتبة الغيبة من التحريم بعد الإجماع على حرمتها، فذهب القرطبي من المالكية إلى أنها كبيرة وحكى عليه اتفاق أهل المذهب، وذهب بعض الشافعية إلى أنها صغيرة، والذي جزم به ابن حجر الهيتمي في شرح الشمائل أن غيبة العالم أو حامل القرآن كبيرة وغيبة غيرهما صغيرة، قال بعضهم: وهو المعتمد في مذهب الشافعي، قال البرهان اللقاني: ولم يشهد للتفرقة كتاب ولا سنة، فالمتجه الطرد لحرمة المغتاب.......
الرابع: فهم من ذكر الأخ في حد الغيبة والتقييد بالكراهة عدم الغيبة في الكافر، وأنه لو ذكر أخاه بما لا يكرهه كقوله في غيبته هو سارق، أو محارب، وهو يتمدح بذلك لا يكون غيبة ـ وهو كذلك ـ كما سيأتي في المتجاهر. انتهى.
ومع ذلك، فالأولى ترك غيبته والانشغال بما ينفع.
والله أعلم.