هل جمع المغرب والعشاء تأخيرًا يمتد إلى قبل الفجر على مذهب ابن تيمية؟

0 343

السؤال

من المعروف أن شيخ الإسلام ابن تيمية قال: "إن وقت انتهاء صلاة العشاء هو إلى طلوع الفجر الثاني" وسؤالي هو: أنا مسافر، وأجمع وأقصر, فهل أستطيع أن أجمع وأقصر - جمع تأخير - المغرب والعشاء قبل الأذان مثلا بنصف ساعة؟ باعتبار أن وقت انتهاء العشاء هو إلى طلوع الفجر - كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - علما أنه تنطبق علي أحكام المسافر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فظاهر حال السائل أنه مقلد لشيخ الإسلام ابن تيمية فيما يسأل عنه، ولذلك سنجيبه على مذهبه ـ رحمه الله تعالى ـ فنقول:‏
في الحقيقة ما بنيت عليه من كون مذهب شيخ الإسلام في نهاية وقت العشاء هو الفجر ليس على إطلاقه، بل فيه تفصيل: فشيخ ‏الإسلام متابع في ذلك لمذهب الحنابلة في تقسيم وقت العشاء إلى وقت اختيار إلى منتصف الليل، وضرورة إلى الفجر، وأنه يحرم ‏تأخيرها لوقت الضرورة بغير عذر، يدل على ذلك:‏
‏1ـ اختياره لمذهبهم، وترجيحه بالسنة كما في مجموع الفتاوى: (ج22 / ص74)‏‎
‏2ـ تقريره لكلام ابن قدامة في عمدة الفقه أثناء شرحه لمواقيت الصلاة، وترجيحه ما ذهب إليه في ذلك، كما في شرح عمدة الفقه/ قسم الصلاة (ص: 177).

‏‏3ـ عدم مخالفته لذلك في شيء من اختياراته الفقهية.‏

وعليه, فلا يجوز تأخير العشاء، أو المغرب والعشاء - في حالة الجمع - إلى وقت الضرورة إلا لعذر.
والعذر المؤثر في حكم الصلاة بالنسبة للوقت عند الحنابلة، وشيخ الإسلام على قسمين:‏
القسم الأول: هي أعذار الجمع بين الظهرين والعشاءين, كالسفر، والمرض، والمطر, فهذه تجعل الأوقات الخمسة ثلاثة. ‏
والقسم الآخر: أعذار ترفع الإثم عمن أدى الصلاة في وقت الضرورة؛ لعدم إمكانها منه شرعا، أو حسا في وقت الاختيار, ‏كالحائض تطهر، والمجنون يفيق.‏
ولا يصح الخلط بين القسمين، فليس لمن جمع بعذر - كالسفر ونحوه - جمع تأخير، أن يؤخر العشاء عن وقت الاختيار، بل لا بد أن ‏يفرغ منها قبل منتصف الليل, وإلا أثم، وإن وقعت أداء، ما لم يطلع الفجر، نعم إن كان معذورا بعذر من القسم الآخر ‏- كالنوم - فيكون قد اجتمع في حقه عذران: عذر يبيح الجمع وهو السفر، وعذر يبيح التأخير للضرورة وهو النوم، فتكون صلاته أداء ‏بلا تأثيم.

يدل على ذلك ما ذكره ابن تيمية في شرحه على عمدة الفقه لابن قدامة،  فبين المراد بأهل الضرورة قائلا: إن وقت الضرورة يبقى إلى أن تغيب جميع الشمس، ومعنى ذلك أن أهل الضرورة والعذر ‏الذين لا يمكنهم الصلاة قبل تغير الشمس مثل الحائض تطهر، والمجنون والمغمى عليه يفيقان، والنائم ينتبه، والصبي يبلغ بعد ‏اصفرار الشمس يصلونها أداء في هذا الوقت من غير إثم، وكذلك الكافر يسلم؛ لأن المنع من صحة الصلاة كان موجودا فيه وإن كان ‏على الحقيقة ليس بذي عذر، ولكن ألحق بهم؛ لأنه غفر له تأخيرها إذ الإسلام يجب ما قبله.
ـ ثم بين حكمهم فقال: فأما من تمكنه الصلاة قبل هذا الوقت، فلا يجوز له تأخيرها البتة، فإن أخرها وصلاها فهي أداء مع كونه ‏آثما.

ثم بين أن المريض لا يدخل في أهل العذر للتأخير.

فكل ذلك صريح منه ـ رحمه الله ـ في أن التأخير إلى وقت ‏الضرورة إنما يختص بمن لم يتمكن من الصلاة في وقت الاختيار لمانع شرعي كالحيض، أو حسي كالجنون.

وأما السفر ‏والمرض فلا يمنعان لا شرعا ولا حسا, فدل على أن السفر لا يبيح تأخير العشاء إلى وقت الضرورة، وإن أباح جمعها مع المغرب ‏تقديما وتأخيرا بشروط كل.‏

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة