السؤال
كثيرا ما أشعر بالبلغم في حلقي أثناء صيامي، وكنت أجتهد في إخراجه ما استطعت، حتى إنه أحيانا كانت تخرج بعض السوائل التي أظنها من المعدة.... فهل هذا هو ما يسمى: القلس ـ وعرفت مؤخرا أن من استقاء بطل صومه، وكنت حينما يخرج بعض القيء أشك إن كان هذا يبطل صيامي، ولما اطلعت على موقعكم عرفت أنه يبطل الصوم، فهل أأثم على ذلك؟ وهل علي قضاء هذه الأيام؟ وماذا أفعل إن شعرت بالبلغم في حلقي ولم أتمكن من لفظه إلا بمشقة قد تؤدي للقيء؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا الفرق بين القيء والقلس في الفتوى رقم: 44960، فراجعيها إن شئت.
وبخصوص ما أقدمت عليه من إخراج البلغم فترتب عليه خروج سوائل من المعدة, فهذا لا إثم فيه, ولا يبطل صيامك إذا كنت أقدمت عليه جاهلة أنه يبطل صيامك, بناء على ما رجحه بعض أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 150347.
وفي خصوص اجتهادك لإخراج البلغم مع علمك أنه سيترتب عليه خروج سوائل من المعدة, فإن هذا يبطل الصيام، لما فيه من التسبب في جلب القيء, لكنك إن اضطررت إليه فإنه يجوز، وإن لم تضطري إليه لم يجز، جاء في فتاوى اللقاء الشهري للشيخ ابن عثيمين: لو أحسست بالقيء هل يلزمك أن تحجبه وتمنعه؟ الجواب: لا يجب، وفي هذا ضرر عليك، لأن المعدة إذا هاجت لا بد أن تخرج، فلا تمنعها، دعه يخرج، لكن لا تجلبه أنت، وفرق بين الجلب وبين كون المعدة تهيج حتى يخرج ما فيها، فالأول بفعل الإنسان، والثاني بغير فعله. انتهى.
وفي جلسات رمضانية للشيخ ابن عثيمين أيضا: فمن رحمة الله نقول: إذا تقيأ الإنسان عمدا إن كان لغير عذر، فهو حرام عليه في الصوم الواجب، لأنه يفسد صومه، وإن كان لعذر قلنا: من رحمة الله أن نقول: إنك أفطرت، لماذا؟ لأنه إذا تقيأ لعذر يبيح له الفطر قلنا له: الآن كل واشرب، لأن كل من أفطر لعذر شرعي، فإنه يجوز أن يأكل ويشرب، خذوا بالكم من هذه القاعدة، فهي مفيدة أيضا: كل من أفطر لعذر شرعي في أول النهار فإنه يجوز أن يأكل ويشرب بقية النهار، فهمتم القاعدة هذه؟ إي نعم، هذه القاعدة مفيدة جدا للإنسان، فنقول لهذا الرجل الصائم: إذا قال لك الأطباء، أو أنت رأيت أنه من الضروري أن تتقيأ، افرض أن الإنسان أكل طعاما متسمما، الطعام المتسمم من أقوى علاجه أن يتقيأ الإنسان الطعام، فإذا تقيأه خرج هذا الطعام المتسمم، وخف عليه، فإذا فعل هذا قلنا له: الآن قمت تقيأت بعذر شرعي، فكل واشرب حتى تعود عليك قوة بدنك، فصار القول بأن القيء مفطر من رحمة الله، لأنه إذا كان الإنسان غير محتاج إليه قلنا له: لا تتقيأ في الصوم الواجب، تفسد صومك، وإن احتاج إليه قلنا: تقيأ وكل واشرب بقية يومك. انتهى.
والله أعلم.