هل تعود الحسنات التي حبطت بترك صلاة العصر لمن تاب من ذلك

0 244

السؤال

رجل كان يفعل الخير كثيرا, ولكنه لا يصلي صلاة العصر متعمدا, ويعلم أن من لا يصلي العصر متعمدا حبط عمله, ولكنه الآن تاب من ترك صلاة العصر, فهل تعود له حسناته التي أحبطها تركه لصلاة العصر؟ وبالنسبة لمن ترك صلاة العصر متعمدا وقد حبط عمله فماذا يكون حاله مع المغرب والعشاء وقد حبط عمله؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فلا شك أن ترك صلاة العصر عمدا سبب لحبوط العمل؛ لحديث: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله. رواه البخاري والنسائي وغيرهما, إلا أن العلماء تعددت أقوالهم في معنى حبوط العمل المراد في هذا الحديث, قال الحافظ في الفتح: قيل هو من مجاز التشبيه كأن المعنى: فقد أشبه من حبط عمله، وقيل: معناه كاد أن يحبط، وقيل: المراد بالحبط نقصان العمل في ذلك الوقت الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله، فكأن المراد بالعمل الصلاة خاصة، أي: لا يحصل على أجر من صلى العصر ولا يرتفع له عملها حينئذ، وقيل: المراد بالحبط الإبطال, أي: يبطل انتفاعه بعمله في وقت ما ثم ينتفع به، كمن رجحت سيئاته على حسناته, فإنه موقوف في المشيئة: فإن غفر له فمجرد الوقوف إبطال لنفع الحسنة إذ ذاك, وإن عذب ثم غفر له فكذلك, قال معنى ذلك القاضي أبو بكر بن العربي، وقد تقدم مبسوطا في كتاب الإيمان في "باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله" ومحصل ما قال أن المراد بالحبط في الآية غير المراد بالحبط في الحديث، وقال في شرح الترمذي: الحبط على قسمين، حبط إسقاط وهو إحباط الكفر للإيمان وجميع الحسنات، وحبط موازنة وهو إحباط المعاصي للانتفاع بالحسنات عند رجحانها عليها إلى أن تحصل النجاة فيرجع إليه جزاء حسناته, وقيل: المراد بالعمل في الحديث عمل الدنيا الذي يسبب الاشتغال به ترك الصلاة، بمعنى أنه لا ينتفع به ولا يتمتع، وأقرب هذه التأويلات قول من قال: إن ذلك خرج مخرج الزجر الشديد وظاهره غير مراد. اهــ
وعلى ما رجحه الحافظ فإن العمل لا يحبط حقيقة, وإنما خرج الحديث مخرج الزجر الشديد, وقال ابن القيم في معنى الحبوط الوارد في الحديث: والذي يظهر في الحديث - والله أعلم بمراد رسوله - أن الترك نوعان: ترك كلي لا يصليها أبدا فهذا يحبط العمل جميعه, وترك معين في يوم معين فهذا يحبط عمل ذلك اليوم, فالحبوط العام في مقابلة الترك العام, والحبوط المعين في مقابلة الترك المعين. اهـــ

وعلى القول بأن المراد بالحبوط أن العمل يبطل حقيقة, ولا ينتفع به صاحبه فقد بينا في الفتوى رقم: 204634 أنه يرجع ثواب العمل الصالح المتقدم لمن تاب من ترك الصلاة.
ويجب على من ترك العصر عمدا أن يصليها, ولا يجوز له أن يترك شيئا من الصلوات بحجة أن عمله حابط.

ومن كان على صلة بذلك الرجل المسؤول عنه, فإنه ينبغي له أن يجتهد في نصحه, ويذكره بالله تعالى, وبخطورة التهاون في أداء الصلوات في وقتها, وانظر الفتوى رقم: 47422 عن الترهيب من التهاون في أداء الصلاة, وكذا الفتوى رقم: 94022.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة