السؤال
أريد أن أسالكم وأنسخ الفتوى إلى موقعنا وإلى بعض صفحات الفيس بوك: هل يجوز لعن شخص سواء كان ميتا أو حيا؟ كثرت عندنا في سوريا بشكل لا إرادي لعن حافظ وابنه..... لما فعلوه بنا في سوريا ـ وأنتم تعلمون حالنا ـ وعند مقتل أحد من جنودهم، فهل يجوز الفرح والدعاء عليه بجهنم؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأما المؤمن: فإنه لا يجوز لعنه لا حيا ولا ميتا، وانظر الفتوى رقم: 113754.
وأما الكافر: فإن كان حيا فإنه لا يلعن لاحتمال أنه يتوب، وإن مات على الكفر جاز لعنه، جاء في الموسوعة الفقهية: أما الكافر المعين: فإن كان حيا فقد ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة في المذهب إلى أنه لا يجوز لعنه، لأن حاله عند الوفاة لا تعلم، وقد شرط الله تعالى في إطلاق اللعنة الوفاة على الكفر، وذلك في قوله تعالى: إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ـ ولأنا لا ندري ما يختم به لهذا الكافر، وفي رواية عند الحنابلة وهو قول ابن العربي من المالكية، وفي قول عند الشافعية أنه يجوز لعن الكافر المعين، قال ابن العربي: لظاهر حاله ولجواز قتله وقتاله ـ أما لعن الكفار جملة من غير تعيين وكذلك من مات منهم على الكفر: فلا خلاف في أنه يجوز لعنهم، لما رواه مالك عن داود بن الحصين أنه سمع الأعرج يقول: ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان ـ قال القرطبي قال علماؤنا: وسواء كانت لهم ذمة أم لم تكن. اهـ.
وعلى هذا، فإنه لا حرج في لعن من تيقن أنه مات على النصيرية، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية، هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية، أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار، والفرنج وغيرهم... اهــ.
وأما الحي منهم: فإنه لا يلعن، ويجوز بل قد يتعين أن يدعى عليه بأن ينتقم الله منه ويأخذه ويهزمه, ومن لعنه فإن له سعة في قول من أجاز ذلك ممن ذكرنا سابقا، ويجوز الفرح بمقتل جنودهم وإن كان فيهم مسلم مغرر به، لأن في موتهم كفا لشرهم ونجاة للمؤمنين من بلائهم، وقد قال المناوي في فيض القدير في شرح حديث: لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك ـ وهو حديث لا يصح: نعم أفتى ابن عبد السلام بأنه لا ملام في الفرح بموت العدو من حيث انقطاع شره عنه وكفاية ضرره. اهـ.
وقد ذم الله تعالى جنود فرعون، كما ذم فرعون، فقال تعالى: إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين {القصص: 8}.
وأخبرنا أنهم استكبروا وأنه عاقبهم بمثل عقاب فرعون، فقال تعالى: واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين { القصص:39ـ 41} .
وننبه إلى أمر مهم وهو أن اللعن وإن كان جائزا في حق من يستحقه إلا أن الإكثار منه قد يؤدي إلى تعود اللسان عليه، وربما جر إلى لعن من لا يستحق اللعن، فالأولى تركه.
والله أعلم.