قاعدة: المكلف لا يجوز له الإقدام على فعل حتى يعلم حكم الله فيه، وتطبيقاتها

0 301

السؤال

لقد أفتيتموني بأنه لا يجوز الإقدام على عمل حتى يعلم المكلف الحكم الشرعي فيه.
لكن بعدها مثلا إذا فعلت شيئا أثناء الصلاة، وشككت هل يبطل الصلاة أم لا ، أقطع صلاتي وأبتدئ صلاة جديدة، وهكذا، وليس في أمر الصلاة وحسب، وهذا يفتح علي باب الوسوسة.
ماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:             

 ففي البداية ننبه على أن ما ذكرته السائلة صحيح, وهو أن المكلف لا يجوز له الإقدام على فعل حتى يعلم حكم الله فيه.

قال الأخضري المالكي في مقدمته: ولا يحل له أن يفعل فعلا حتى يعلم حكم الله فيه، ويسأل العلماء، ويقتدي بالمتبعين. انتهى.

وفي أنوار البروق في أنواع الفروق للقرافي: اعلم أن هذا الفرق بين هاتين القاعدتين مبني على قاعدة وهي أن الغزالي حكى الإجماع في إحياء علوم الدين، والشافعي في رسالته حكاه أيضا في أن المكلف لا يجوز له أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله فيه, فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما عينه الله وشرعه في البيع, ومن آجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله تعالى في الإجارة، ومن قارض وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في القراض, ومن صلى وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في تلك الصلاة، وكذلك الطهارة وجميع الأقوال والأعمال. انتهى.

ثم إذا كنت قد فعلت شيئا أثناء الصلاة, وشككت هل هذا الفعل يبطل الصلاة أم لا ؟ فصلاتك صحيحة؛ لأن الأصل صحتها حتى يتبين بطلانها بيقين.

  جاء في شرح النووي على صحيح مسلم تعليقا على حديث: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة. قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث، وهي أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث، حكم ببقائه على الطهارة، ولا فرق بين حصول هذا الشك في نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة. هذا مذهبنا، ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف. انتهى.

وقد ذكرنا مبطلات الصلاة وهل الشك مما يبطلها في الفتوى رقم: 6403

وهذا الحكم لا يختص بحالتك، بل إن كل مشكوك يعتبر لاغيا لا اعتبار له.

قال القرافي في أنوار البروق: والقاعدة المجمع عليها أن كل مشكوك فيه ملغى في الشريعة، فإذا شك في الطلاق الذي هو سبب زوال العصمة لم يترتب عليه زوالها؛ بل يستصحب الحال. انتهى.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة