قاطع الرحم الرافض للوصال.. الحكم.. والترغيب في الصلح

0 353

السؤال

لي خالة كنت متزوجا من ابنتها فلم نتفق وانفصلنا، ومن حينها خاصمتنا خالتي وقاطعتنا بل وتمادت في تأليب بقية أفراد الأسرة على والدتي حتى قاطعوها جميعا، بل وأساء البعض إليها إساءات بالغة، ومنهم ابنة خالي، ورغم ذلك حاولت وما زالت أمي تحاول وصالها وخالتي ترفض ذلك، مع العلم أنني أيضا ومنذ السنوات الأولى لخصامها أحاول وصالها وهي ترفض ذلك، ومؤخرا قابلتها ومددت يدي لأصافحها فنفرت مني ولم تسلم علي، فما هو الإثم المترتب عليها وعلى من شاركها الإساءة في ذلك؟ وهل علي إثم إذا توقفت عن محاولات وصالها؟ أفيدوني جازكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الخالة آثمة بمقاطعتها لكم وبإساءتها هي ومن معها إليكم، لأن القطيعة في غير حق شرعي حرام، وهي مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله.

وقال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.

ومن الإثم كذلك إيذاء المسلمين بغير حق، كما قال الله تعالى: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا {الأحزاب:58}.

وإذا لقيتها وسلمت عليها ولم ترد عليك فقد سلمت أنت من إثم الهجران وباءت هي بالإثم، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاثة أيام، فإذا لقيه سلم عليه ثلاث مرات، كل ذلك لا يرد عليه فقد باء بإثمه. رواه أبو داود، وصححه الألباني.

وفي الحديث: لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنا فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فليلقه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم. رواه مالك وأبو داود، وصححه ابن حجر، وزاد أحمد: وخرج المسلم من الهجرة.

وجاء في شرح صحيح البخاري ـ لابن بطال: معنى الهجرة: هو ترك الرجل كلام أخيه مع تلاقيهما واجتماعهما وإعراض كل واحد منهما عن صاحبه مصارمة له وتركه السلام عليه، وذلك أن من حق المسلم على المسلم إذا تلاقيا أن يسلم كل واحد منهما على صاحبه، فإذا تركا ذلك بالمصارمة فقد دخلا فيما حظر الله، واستحقا العقوبة إن لم يعف الله عنهما. انتهى.

وننصحك أنت وأمك بالصبر على أرحامكم وعدم مقاطعتهم وبمجازاتهم بالإحسان، فإنه تحصل لكم بذلك معونة الله والأجر العظيم، قال الله تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين * ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل * إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم* ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور {الشورى:40ـ 41ـ 42ـ43}.

وقال الله تعالى: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم { فصلت:34ـ 35}.

وفي صحيح مسلم: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

وننصحكم كذلك بالإكثار من الدعاء والتعوذات والأذكار المأثورة في المساء والصباح والمحافظة على الصلوات لتسلموا من ظلم كل ظالم، ومن شر كل ذي شر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة