السؤال
تعلمون - يرحمكم الله - أنا ابتلينا في تونس بالشيوعيين الملاحدة المجاهرين بإلحادهم, فهل يجوز - رعاكم الله - أن يؤوي الأب المسلم ابنه الملحد, وينفق عليه؟ وهل يجوز للابن المسلم أن يعيش من مال أبيه الملحد؟
تعلمون - يرحمكم الله - أنا ابتلينا في تونس بالشيوعيين الملاحدة المجاهرين بإلحادهم, فهل يجوز - رعاكم الله - أن يؤوي الأب المسلم ابنه الملحد, وينفق عليه؟ وهل يجوز للابن المسلم أن يعيش من مال أبيه الملحد؟
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم أولا أن الحكم على شخص بالكفر أو بالإلحاد أمر عسير, لا ينبغي أن يتصدى له إلا أهل العلم الراسخين فيه، ولا يجوز التساهل في هذا الباب، ومن كانت عنده مخالفة شرعية - سواء كانت كفرية, أم بدعية - فالواجب الاجتهاد في دعوته إلى الله تعالى بكل ممكن.
وأما النفقة: فإنها تجب للوالد الفقير في مال ولده - وإن كان كافرا - والعكس بالعكس، قال في أسنى المطالب: ودخل في قولهم من تلزمه نفقته: الأب الكافر. انتهى.
وفي المسألة خلاف، قال الزركشي في شرح الخرقي: ولا بد من شرط رابع - أي لوجوب النفقة - وهو أن يتحد دينهما، فإن اختلف فلا نفقة لأحدهما على صاحبه؛ لأن النفقة مواساة على سبيل البر والصلة، ولا صلة مع اختلاف الدين، ولأنهما غير متوارثين، فلم تجب لأحدهما نفقة على الآخر، كما لو كان أحدهما رقيقا، ولا نزاع في اشتراط هذا الشرط في غير عمودي النسب، وفي عمودي النسب روايتان، نص عليهما في الأب الكافر، هل تجب عليه نفقة ولده المسلم، وخرجهما القاضي في العكس، وأبو محمد ينصر عدم الوجوب مطلقا، عكس ظاهر كلام الخرقي، فإن ظاهره الوجوب في عمودي النسب؛ لأنه لم يشترط ذلك، وعدم الوجوب في غيرهم، كما هو متفق عليه. انتهى.
والمفتى به عندنا القول الأول, وهو الوجوب، وانظر الفتوى رقم: 110355.
وعليه, فينفق الأب المسلم على ابنه - وإن كان كافرا - وينتفع الابن المسلم بمال أبيه - وإن كان كافرا - هذا إن كان الكفر أصليا.
أما المرتد: فلا تجب نفقته لكونه مهدر الدم، جاء في حاشية الجمل: ووجبت نفقة المرتد هنا - أي: إذا كان مملوكا - دون نفقة القريب المرتد؛ لأن الموجب هنا الملك، وهو موجود, وثم مواساة القريب، والمهدر ليس من أهل المواساة. انتهى.
وعليه؛ فلا يلزم الأب المسلم أن ينفق على ابنه الكافر المرتد, والعكس، ولكن إن كان في ذلك مصلحة - كتأليف قلبه, واستمالته للتوبة - فإن أنفق عليه كان حسنا.
وأما انتفاع الولد المسلم بمال أبيه المرتد فلا حرج فيه - إذا كان الولد فقيرا -.
والله أعلم.