السؤال
لي صديقة أمها متوفاة، وتزوج والدها، وقام بشراء ذهب لزوجته، ويأخذ معاش أمها ولا يعطيها منه أي شيء، وعنده مال كثير لكنه يرفض أن يجهزها منه، ولا من معاش أمها الذي لها نصيب فيه، وتريد أن تتجهز للزواج وليس معها ما تتجهز به، وقد أودع والدها عندها مبلغا من المال. هل يجوز لها أن تأخذ منه دون علم والدها لتكمل جهازها، وذلك عوضا عن معاش والدتها الذي يأخذه أبوها دون وجه حق؟
وإن كان ذلك لا يجوز فكيف تتصرف فلا يوجد من توسطه بينها وبين والدها، وهو يأخذ هذا المال ويعطيه لزوجته، ولا يعطي ابنته منه أي شيء؟
أفتونا مأجورين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجهيز بيت الزوجية من واجبات الزوج، ولا يلزم المرأة ولا أهلها شيء منه، وإنما اختلف العلماء فيما إذا دفع الزوج المهر لوالد المرأة، هل يلزمه التجهيز أم لا؟ وقد سبق الكلام على هذا في الفتوى رقم: 31057.
وأما معاش الأم، فإن كان من مستحقاتها على جهة عملها أوغيرها، فهو من تركتها، ويقسم على جميع ورثتها كل يأخذ منه حسب نصيبه المقدر له شرعا. وإن كان منحة من الجهة التي كانت تخدم عندها، فإنه يرجع في تحديد مستحقه إلى شرط الجهة المانحة له، وعلى هذا فإن كان لصديقتك حق فيه، وكان الأب يأخذه دون مبرر شرعي، ويمتنع عن إعطائها إياه، فحينئذ يحق لها أن تأخذ ما يعادله من ماله المودع عندها، وهذا بناء على الراجح من أقوال العلماء فيمن ظفر بحقه ممن ظلمه. وراجعي الفتوى رقم: 28871.
وإنما اشترطنا لجواز ذلك كون الأب يأخذ مالها دون مبرر شرعي، نظرا لأن الأب له أن يتملك من مال أولاده ما يحتاج إليه بالمعروف وبما لا يضرهم؛ لما رواه الحاكم والبيهقي عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله لكم، يهب لمن يشاء إناثا، ويهب لمن يشاء الذكور، فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم. ولقوله عليه الصلاة والسلام: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه، والإمام أحمد، و صححه الألباني. قال الخطابي: قال له: أنت ومالك لأبيك, على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منك قدر الحاجة, وإذا لم يكن لك مال، وكان لك كسب لزمك أن تكتسب وتنفق عليه, فأما أن يكون أراد به إباحة ماله له حتى يجتاحه ويأتي عليه إسرافا وتبذيرا، فلا أعلم أحدا ذهب إليه, والله أعلم. اهـ. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 46692
والخلاصة أنه لا يجوز للبنت أن تأخذ من وديعة أبيها دون علمه، إلا إن كان أبوها يأخذ مستحقاتها من معاش أمها دون الالتزام بالضوابط الشرعية لذلك، فلها -حينئذ- أن تأخذ منه بقدر ما أخذه منها بغير حق.
والله أعلم.